بتروفيتش مزّق نسيج المنتخب

الرياضة 2022/02/02
...

 بغداد: احسان المرسومي 

خيب منتخبنا الوطني لكرة القدم آمال جماهيره المتعطشة لخطف نقاط مباراته الأخيرة أمام لبنان ضمن الجولة الثامنة من التصفيات النهائية المؤهلة إلى مونديال قطر 2022 ، وفي الوقت الذي كان يتوجب على الملاك التدريبي واللاعبين أن يعوا حقيقة مهمة وهي أن الفوز وحده ربما يقربنا من انتزاع المركز الثالث في مجموعتنا وبالتالي خوض مباراة الملحق مع ثالث المجموعة الأخرى مع حسابات معقدة تؤملها نتائج المباريات الأخرى والهدايا المجانية التي يمكن أن تمنح لنا ، نقول بالرغم من كل ذلك خرج جمهورنا من ملعب صيدا في لبنان ناقماً على منتخبه ليس فقط بسبب نتيجة التعادل التي آلت إليها المباراة، بل أيضاً كان ناقماً على لاعبيه الذين لم يقدموا مستوى يليق بسمعتهم أولا قبل أن يلعبوا باسم العراق .

كما جاءت الانتقادات لاذعة وكبيرة للمدرب بتروفيتش الذي عرف فن التبرير في المؤتمرات الصحفية من دون أن يفقه الدهاء في لعبة كرة القدم والخوف من المنافس والاستسلام المبكر وعدم الشجاعة، وهذا ما لاحظناه في هذه الشخصية الغريبة التي ربما تكون لها صلة بكل شيء إلا لعبة كرة القدم ، لوجود العديد من الملاحظات كان يفترض بالمدرب (الفلتة) أن يلتفت إليها بدلاً من أن يدخلنا في حسابات معقدة ونتائج سلبية لن تمحى من ذاكرة المشجعين . 
 
تشكيلة غريبة 
 تساؤلات عديدة ومحيرة في نفس الوقت عن التشكيلة التي بدأ بها بتروفيتش مباراة لبنان من بينها عدم زج لاعبينا المغتربين الذين يفترض أن تكون جاهزيتهم البدنية والفنية أكثر من الآخرين  وقد تكررت عملية إشراك زيدان اقبال وعلي الحمادي في آخر 10 دقائق من المباراة وهما القادمان من مهد حضارة كرة القدم العالمية ويكفي أن زيدان يلعب في أكبر أندية أوروبا مانشستر يونايتد ونحن على يقين أن هذا اللاعب لو منح مزيداً من الوقت خلال المباراة لفعل أشياء كثيرة، والحديث أيضاً يعود عن جدوى زج لاعب تم استبعاده من وفد المنتخب قبل التوجه إلى طهران وهو اللاعب سجاد جاسم الذي لم نشاهد له أي دور في المباراة لاسيما في الشوط الأول منها، ناهيك عن إشراك لاعبي ارتكاز في وسط الملعب هما سعد عبد الأمير ومحمد علي عبود المتشابهان في الأسلوب وشغل المركز، كما وبقيا ملازمين لبعضهما دون ان نشعر بوجودهما او تنفيذ المهام في إيقاف الهجمات اللبنانية ، بينما كان الأحرى بالمدرب الشجاع بتروفيتش الذي يفترض انه كان يبحث عن الثلاث نقاط  (والله أعلم ) زج اللاعب العماري الذي ركنه على دكة البدلاء في سابقة حيرت الخبراء ومحللي كرة القدم ؟  وهو المعروف عنه دقة التسديد الذي لم نشاهده طيلة دقائق المباراة وأيضاً تمريراته الحاسمة التي افتقدناها وحضرت العشوائية في مناولات عبد الأمير وعبود،  جل هذه الملاحظات هي من بديهيات لعبة كرة القدم، كما أن جميع تساؤلاتنا مشروعة وتعبر عن لسان حال الشارع الرياضي الناقم على واقع منتخبه وهو يرى سقوط الفرصة تلو الأخرى وفيها تقويض لحظوظنا في التأهل، ولو على الأقل في الحصول على المركز الثالث، ولعل أكثر الأمور التي انتقدها الجمهور ليس فقط في هذه المباراة بل في جميع اللقاءات التي خضناها في المنافسات ، هي تلك العشوائية في إبعاد الكرات عن منطقة الجزاء وأيضاً غياب بناء الهجمات من الخلف وللأسف نقول: ليس لدينا في خط الظهر من يحتفظ بالكرة لعدة ثوانٍ ويكون قادراً على توزيع الكرات وبناء هجمات صحيحة وبالتالي أصبح دفاعنا عبئاً على المنتخب ، وبمجرد أن تصل الكرة بين أقدام المدافعين تبدأ معها دعواتنا وصلواتنا في أن تصل الكرة إلى الزميل المناسب وأغلب الكرات التي وصلت للمهاجمين هي عن طريق الصدفة لا أكثر ، حتى لاعب الوسط حسن علي كريم  ( قوقية )  الذي كان برأيي الأبرز في المباراة بعقليته الناضجة ومناولاته القاتلة للمهاجم ايمن حسين الذي نجح في واحدة منها بإصابة المرمى اللبناني ؟ ولكن ما فائدة هدف التقدم ولدينا  من المدافعين الذين يمنحون الهدايا المجانية والإبعاد العشوائي الذي جاء منه هدف التعادل قبل انتهاء الشوط الأول من المباراة ، وهنا نقول: إن بتروفيتش العبقري حرمنا من أبرز لاعبي المباراة  (قوقية ) المهاري الذي استبدله في وقت كان فيه المنتخب أحوج إلى تمريراته ودهائه ، هذا غيض من فيض الملاحظات التي سجلت عن مباراة منتخبنا أمام لبنان ، والتي ربما ستكون نتيجتها وبالاً على منتخبنا في الدورين المقبلين . 
 
الحظوظ تتضاءل  
برغم الجولة غير الموفقة لمنتخبنا والتي حصدنا من ورائها نقطة وحيدة فقط، فقد تضاءلت حظوظنا في الحصول على المركز الثالث وخوض مباراة الملحق مع ثالث المجموعة الأخرى بشكل كبير، بيد أن منتخبي إيران وكوريا الجنوبية قد تأهلا مباشرة إلى المونديال المقبل، بينما تتصارع ثلاثة منتخبات عملياً على المركز الثالث وهي الإمارات ( بالمركز الثالث  ) حالياً في المجموعة  بـ 9 نقاط مع بقاء مباراتين لها في الجولة الأخيرة احداهما أمام كوريا الجنوبية والأخرى مع منتخبنا ، ويحل لبنان بالمركز الرابع بـ 6 نقاط  إذ أن لديه مباراتين أيضاً أمام إيران في طهران والثانية أمام سوريا في صيدا ، والمنافس الأخير هو منتخبنا الذي يحتل حالياً المركز الخامس بـ 5 نقاط فقط ويتوجب عليه الفوز في مباراتيه المقبلتين أمام سوريا في الإمارات ، وأمام الأخير على أرضنا المفترضة ( قطر ) أو على ملاعبنا في بغداد أو البصرة بحسب تصريح رئيس الاتحاد الكابتن عدنان درجال الذي وجه طلباً إلى الاتحادين الآسيوي والدولي في إقامة المباراة الأخيرة اما على ملعب ( جذع النخلة ) في البصرة  أو ( المدينة )  في بغداد ، ولو أن الموافقة على الطلب أمر مستبعد على وفق المعطيات السابقة والعلاقات الحميمة التي تربط اتحاد كرة الإمارات بالآسيوي ومدى تأثيراته للإبقاء على الحظر ، على الأقل تأجيله إلى ما بعد خوض مباراتنا الحاسمة معهم ؟ اذن خسارة الإمارات أمام كوريا الجنوبية في الإمارات وتعثر لبنان أمام إيران في طهران ربما يفتح لمنتخبنا آفاقاً من التفاؤل ولكن بشرط الفوز في مباراتنا المقبلة على سوريا التي تضيفها الامارات ( الأرض المفترضة لنسور قاسيون ) وأيضا ًالفوز بعد ذلك على الإمارات . 
 
حلان لا ثالث لهما 
حتى لا تفلت زمام الأمور من الاتحاد ، وبرغم علمه أن الاعتذارات لاتغني ولاتسمن من جوع في هذا الوقت الحرج ، فقد قرر عقد اجتماع طارئ تمخضت عنه إقالة بتروفيتش، ولكن ماهو البديل في هذا التوقيت الحرج، فهناك حلان في الأفق لاثالث لهما في هذا الظرف الصعب، الأول وقد تبناه احد الفريقين في المكتب التنفيذي للاتحاد وهو الاستعانة بخدمات أحد المدربين المحليين الثلاثة بحسب التسريبات الصادرة من أروقة الاتحاد وهم راضي شنيشل وعبد الغني شهد وأيوب اوديشيو ، وقد قدم الأول اعتذاره عن تسلم هذه المهمة كونه خياراً صعباً ومهمة انتحارية تأتي في ظروف لاتحمد عقباها ، بينما الفريق الثاني مع الإبقاء على مساعدي المدرب رزاق فرحان واحمد صلاح وتشكيل لجنة من المدربين الخبراء المحليين لقيادة المنتخب خلال الجولتين الأخيرتين ، وهذه الحلول بطبيعة الحال مؤقتة لتمشية الأمور إلى حين تسمية ملاك تدريب أجنبي يتم اختياره بعناية فائقة ليس من المفترض أن يكون اسماً تدريبياً كبيراً ، بل من المدربين الشباب الذي يمتلك الطموح والرغبة في تسلم مهمة تدريب المنتخب واحداث التغييرات اللازمة تحضيراً لأمم آسيا في الصين 2023 ، وحتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود ، ليس لدينا غير الانتظار لنتعرف في نهاية المطاف عن الحل الذي ربما لم يكن الأسلم خلال المرحلة المقبلة ، ولكن على الأقل سيكون حلاً يرضي نسبة كبيرة من مشجعي المنتخب.