علي حسن الفواز
يقولُ تيدروس أدهانوم غيبرييسوس رئيس منظمة الصحة العالمية في مؤتمر صحافي عقده في جنيف: من السابق لأوانه الاستسلام أو إعلان الانتصار على جائحة
كوفيد- 19، مؤكداً قلقه من أن ارتفاع عدد الوفيات الكبير في غالبية مناطق العالم، يضع الجميع أمام خطورة استفحال الجائحة، في عالميتها، وعبر خطورة تحوراتها، وأن الحاجة إلى سياسات البروتوكولات التلقيحية باتت أكثر تعقيداً، على مستوى الوعي المجتمعي، أو على مستوى حيازة الإرادة السياسية، والقدرة الاقتصادية في مواجهة التداعيات.
عالمية وباء كوفيد- 19 هي الأخطر تاريخياً، وهي الأكثر تهديداً للاقتصادات الأوروبية، وحتى للسياسات التي تسعى إلى ضبط إيقاع المتغيرات البيئية والصحية، وتأمين البرامج الناجزة لمواجهة الأخطار المحتملة، فبقطع النظر عن النوايا والتوجهات، ومدى القدرة على وجود تغطية تلقيحية لمساحات واسعة من العالم، لاسيما في المناطق الأشد فقراً، فإن البحث عن علاج شافٍ سيظل هاجس العلم، وإن محاولات القضاء عليه لن تتوقف..
إجراءات بعض الدول الأوروبية للعودة إلى حياة ما قبل الجائحة، تدخل في باب التنظيم الاجتماعي والاقتصادي، وليس في ما يخص الصحة العامة، فتوجيهات منظمة الصحة العالمية مازالت تُنذِر بالخطر، لكن إتباع الإجراءات الوقائية الحازمة، والتي تخص الحظر الصحي، والتلقيح وارتداء الكمامات والامتناع عن التجمع سيكون هدفها إجرائياً، رغم ما تسببه من أحداث شغب وتظاهرات واسعة اجتاحت دول أوروبا، وهذا لوحده سيظل مثار جدال، وسجال، على مستوى كيفية تنفيذ برامج الصحة العامة، وإمكانية السيطرة على الوباء، وعلى مستوى الحاجة إلى "حياة طبيعية" لها شروطها، وشغفها، ولها ظروفها التي ترتبط بالنشاطات الثقافية والرياضية والتجارية، وهي نشاطات تشكّل جوهر الحياة والاقتصاد في أوروبا من جانب، وجزءاً من نظامها الاجتماعي، ومن حقوق مواطنيها وحرياتهم الشخصية، وهذا مايجعل البحث عن سياسات إطارية جامعة صعباً جداً، وباعثاً على مزيد القلق، فضلاً عن علاقة ذلك بالأزمات الجديدة التي تعيشها أوروبا، لاسيما من خلال التحشيد العسكري للمواجهة في أوكرانيا، والتي استدعت من خلالها الولايات المتحدة ودول أوروبا عشرات الألوف من الجنود لحرب محتملة، وهذا مايجعل الحديث عن سياسة منع التجمعات نوعاً من الكوميديا السوداء التي تتقاطع فيها مصالح السياسة مع مصالح الأمن الصحي والحضاري للمجتمعات.