عندما تضطربُ البوصلة

الصفحة الاخيرة 2022/02/13
...

 رضا المحمداوي                 
                            
 واحدٌ من تداعيات تغيير الخطاب الإعلامي لقناة (الحرة- عراق) المنبثقة من قناة (الحرة) الأميركية، تمثلَّ لنا في مخالفتها لضوابط وتعليمات هيئة الإعلام والإتصالات العراقية وخضوعها لعقوبات هذه الهيئة، ومنها إغلاق مكتب القناة المركزي في بغداد مِمّا اضّطرَّها إلى الاعتماد كلياً على مكتبها في أربيل بإقليم كردستان .
وقبل هذا الحادث كانت الإدارة الجديدة للقناة قد استحدثتْ سياسة وخطابا إعلاميا جديدا كان من نتائجهِ الاستغناء عن الطاقم البرامجي القديم والأسماء الإعلامية والثقافية البارزة، التي تَرَكتْ بصماتها على هذه الشاشة المُوَجَّهة، وعلى إثر ذلك اختفى العديد من البرامج بمعدّيها ومقدميها وضيوفها مثل (سبعة أيام) و( أبواب) و(بالعراقي) والبرامج الصحفية، وغيرها الكثير التي كانت تُعنى بالمشهد العراقي وتطوراتِهِ وتفاعلاته.
 
اختفاء الوجوه العراقيَّة
وقد ترتَّبَ على هذه التغييرات في الخطاب والسياسة الإعلامية الجديدة أن القناة بدأت تعاني من اختلال وارتباك وتشتت في اتجاه بوصلة ذلك الخطاب التلفزيوني المُوَجَّه، وبالتالي خَسَرت القناة الكثير من مشاهديها ومتابعيها، فإزاء اختفاء تلك الوجوه العراقية والموضوعات المُهمّة والحسّاسة التي كانت تستمدُ حضورها على الشاشة من خلال مقدميها والمشاركين فيها، ظهرتْ برامج حواريَّة وأفلام وثائقية ومواد تلفزيونية مترجمة، يجمعها خطاب إعلامي مركزي يتوجَّهُ بكليته نحو العقدة الأميركية القديمة بعدائها للجارة إيران، بالتزامن مع البرامج الموجهة بخطابها ضدَّ روسيا والصين، خاصة التركيز على موضوعات وفقرات حقوق الانسان والحريات العامة في تلك البلدان.
 
إشكالية المضمون الإعلامي
لا بُدَّ من التذكير هنا، بأن هذه القناة تموّلها الحكومة الأميركية ويشرف عليها الكونغرس الأميركي، لكن يبقى فراغ الشاشة من الوجوه الإعلامية والثقافية والفنية العراقية كبيراً، ولا يمكن إملاء ذلك الفراغ إلاّ بما هو عراقي بطبيعته الاجتماعية المعروفة وخصوصيته الوطنية بمخاضها الصعب.
صحيح أنَّ الصنعة التلفزيونية والشكل الفني الجديد قد باتا واضحين من خلال شكل الاستوديو الإخباري الجديد ومساحته الواسعة، وطريقة بناء الديكور وشاشات العرض الداخلية والإضاءة والألوان المستخدمة، وأسلوب التقديم والوجوه الجديدة المُطعَّمة بالوجوه المخضرمة، لكن إشكالية المضمون الإعلامي تبقى حاضرة على شاشة التلفزيون.