وصفها عشاقها بصاحبة أجمل عينين زرقاوين، وقال عنها والت ديزني "رومي شنايدر الصبية الأجمل في تاريخ السينما"، في ما لقبها نقاد بالممثلة ذات الجمال الغامض، ولدت رومي شنايدر في فيينا عام1938 لأم ألمانية تعمل في التمثيل وأب نمساوي محامٍ، ورافقت أمها في كواليس الأفلام، واختارها مخرج وهي بسن الخامسة عشرة في دور إلى جانب أمها، لتنطلق إلى رحاب عالم السينما الساحر
أسر جمالها كل من رآها، وتهافت عليها المخرجون، فمثلت في أفلام على شاكلة ثلاثية "سيسي" (1954 - 1957) التي أدت فيها دور الأميرة الشابة اليزابيث المعروفة بسيسي، فحصدت شهرة واسعة وأغرم بها الجمهور الألماني، اذ سحرتهم براءتها وجمالها الطبيعي الأخاذ وغموض شخصيتها، فتماهوا معها حتى أنهم لا يريدون أن يروها، الا بدور الملكة، ولأنها حرة ولا تريد التنميط، ولم تعد تتحمل تسلط أمها وهيمنتها على قراراتها، انتقلت إلى باريس ام الدنيا يومذاك، لتفتح لها أبواب الشهرة والأضواء، من خلال مخرجين كبار على شاكلة الايطالي فسكونتي في فيلم "بوكاتشو" وارسلون ويلز في فيلمه الشهير "المحاكمة" (1962)، وحققت إنجازاً بتعاونها مع المخرج الانكليزي كارل فورمان، إذ فازت بجائزة نجمة الكريستال من أكاديمية السينما عن فيلمها "المنتصرون" (1963) وانتقلت إلى فرنسا التي احبتها جداً وشهدت قصة حبها الأسطورية مع نجم فرنسا وأيقونة وسامتها الن ديلون الذي اعلن خطوبتهما من دون زواج، وحققت شنايدر أكثر من 60 فيلماً وعاشت الحياة بطولها وعرضها ونالت من الشهرة والاهتمام ما لم تنله نجمة أخرى، لكنها كانت دائماً تخفي حزناً وقلقاً وجودياً، ربما القت حياة والديها الملتبسة بطلاقهما المبكر ظلالها على مشاعرها الدفينة، وكرهها الألمان ولم يغفروا لها ارتماءها في أحضان الفرنسيين، لكنها ظلت موزعة بين النمسا والمانيا وفرنسا، وتزوجت وطلقت وهجرها الن ديلون وإن لم يقطع حبل الود معها، سيظل هذا الهجران يؤرقه بعد وفاتها التراجيدية في شقتها الباريسية الأنيقة في العام 1981، قبل هذا التاريخ فقدت ابنها الجميل ديفيد ذو الـ 14 ربيعاً، في حادث مأساوي، لتنقلب حياتها رأساً على عقب، وأصابها الذهول وفقدت القدرة على التواصل، على الرغم من إحاطتها بأصدقائها وابنتها الأثيرة، وتحققت هواجسها التي أفضت فيها إلى صحفي ألماني استطاع النبش في تلافيف عقلها الواعي واللاواعي، فهي مرعوبة من أسى الفقدان، "كل الظلال ابتعدت عني.. ظلال الرجال الذين أحبوني تركوني".
شنايدر ذات الوجه الملائكي، والعينين المسحوبتين، كحبة لوز والأنف الروماني الشمم، تألقت في السبعينيات كنجمة كلاسيكية، بمصاف غريتا غاربو ومارين ديتريش ومارلين مونرو، فمثلت في أفلام شاهدنا بعضها في سينما غرناطة وسط بغداد، منها: فيلم "المسبح" (1969) مع الن ديلون، و"البندقية القديمة" (1975) الذي اخرجه بروبرت انريكو ومثل فيه فيليب نوارييه، و"شبح الحب" (1981) الذي شارك في بطولته مارسيلو ماسترياني، ولا اذكر إن كان عرض فيلمها الشهير"سيزار وروزالي" مع ايف مونتان النجم، الذي عرفه البغداديون واحبوه من خلال فيلم "زد"، فضلاً عن أفلام أخرى حققت جوائز وشهرة واسعة.
طلاقان وموت ابنها البكر وتخلي الن ديلون عنها، على الرغم من كونه "لم يحب امرأة مثلها" مثلما يردد في كل محفل، وتقولات الصحافة عن نازية أمها وعلاقتها بهتلر، اسقطتها في دوامة كآبة وعزلة وشراهة في تناول المسكنات والكحول، فماتت كمداً وربما انتحاراً، وحينما اتصل صديق مقرب لها بالن ديلون، وصل شقتها فوراً ولم يصدق أن كل هذا الجمال السماوي المنحوت في قالب بشري قد ذهب بلا رجعة، التقط لها صورة ليخلد جمالها الملهم واحتفظ بها لنفسه كذكرى لحب عظيم.
محرر سينما