شرق أوروبا وأبواب الجحيم

قضايا عربية ودولية 2022/02/20
...

علي حسن الفواز
 ما جرى في مدينتي دونيتسك ولوغانسك الخارجتين عن السلطة الأوكرانية، يضع علامات استفهام حول مقدمات الحرب التي يمكن أن تشتعل في المنطقة، والتي ستضع الجميع أمام صراعات مفتوحة بين الغرب وروسيا، فعمليات إجلاء المواطنين إلى روسيا، ودعوة الرئيس بوتين لقوات الاحتياط، والتفجير الكبير أمام بناية شرطة دونيتسك، وأخيرا تفجير أنبوبي النفط في مدينة لوغانسك، تكشف عن معطيات واقعية لاحتمال قيام أوكرانيا بالدخول إلى هاتين المدينتين اللتين تحظيان بحماية روسيا، كإعلان للحرب، متجاوزة بذلك معاهدة منسك التي فرضت عدم إطلاق النار في المنطقة منذ عام 2014.
إن سياسة التوتير وشدّ الأسلحة، ليست جديدة عن سياسات الغرب الستراتيجية في ضم أوكرانيا إلى حلف الناتو، فمنذ أن تم ضم الجمهوريات السوفيتية السابقة – بولندا وتشيكيا وهنغاريا- إلى الحلف عام 1999، والمحاولات الغربية لم تهدأ في سياسة الضم، لاسيما مع أوكرانيا وجورجيا، والتعمد في إثارة المشكلات والصراعات الأهلية في هذه الدول، وحتى الأحداث التي حدثت العام الماضي في كازاخستان المجاورة لروسيا، لم تكن بعيدة عن هذه الستراتيجيات التي تسعى إلى تطويق روسيا سياسيا واقتصاديا وأمنيا.
البحث عن حلول سياسية بات مشبوكا بالبحث عن حلول عسكرية، لا سيما في معالجة موضوع المدينتين الانفصاليتين، لأن الموضوع يكتسب أهميته من خصوصية الجغرافيا، والاقتصاد، وفرض الأمر الواقع، حدّ المطالبة باستعادة جزيرة القرم من روسيا، وهذا ما أخذ يحظى بدعم أميركي وغربي، وعلى نحو يستفز روسيا ويحرضها على الدفاع عن الهوية الروسية في هذه المناطق، وبالتالي وضع "فكرة الغزو" التي كثيرا ما يتحدث بها الرئيس الأميركي بايدن في سياق التنفيذ، بعيدا عن الظروف الصراعية التي قد تدفع روسيا للقيام بها.
التجييش الإعلامي في بريطانيا وفرنسا وفي أوكرانيا ومن قبل حلف الناتو، يهدد العالم بحرب تتجاوز حدودها الإقليمية، إذ ستكون مصالح الغرب مهددة، وممرات النفط مهددة أيضا، وهو ما يعني عزل غرب الأرض عن شرقها، وربما ستدفع دول أخرى لإعلان حروب جراحية في مناطق أخرى تأخذ "شرعيتها" من حرب الكبار الذين فتحوا أبواب الجحيم.