ضربة جزاء

الصفحة الاخيرة 2022/02/28
...

حسن العاني 
كان إعفاء صالح الحيدري – رئيس تحرير جريدة العراق – من منصبه، وتكليف صلاح الدين سعيد بدلاً عنه، يمثل مفاجأة شديدة الغرابة بالنسبة لي، ولكن ماهو أغرب حقاً، إن صلاح الدين الذي طالما أزعجني و(إشتكاني) مرتين عند الحيدري قد اعتذر مني عن مواقفه السابقة، ودعاني إلى الإسهام في الجريدة بصورة أكبر، ولهذا اتفقت معه على كتابة (عمود)، وشرعت في ذلك فعلاً مع بداية عام (1981) تحت عنوان (ضربة جزاء)، واختيار هذا العنوان لا علاقة له بالرياضة أو كرة القدم ولكنه استثمر مدلول (الضربة) التي تُمنحُ عند وجود خطأ، ومن هنا فإن العمود أو المقالة ستلاحق الخطأ وتكشفه وتدينه في أي مكان وأي مفصل.
أعتقد إنني مدين بالكثير الكثير لهذه (الزاوية) اليومية، لأنها تواصلت قرابة 13 سنة بدون انقطاع، ولأنها رسمت أسلوبي الخاص في (النقد الساخر)، وقبل ذلك لأنها عرضتني إلى العديد من الإشكالات والمشكلات، أذكر على سبيل المثال إنني نشرت ذات مرة مقالة تحت عنوان (تلف زيون) تعرضتُ فيها إلى البرامج الهابطة، فما كان من المدير العام للإذاعة والتلفزيون السيد ماجد أحمد- وهو من أصدقائي المقربين – إلا أن أصدر امراً يقضي بإيقاف التعامل معي، ومنعي من دخول مبنى الإذاعة والتلفزيون.
واتصل بي في مرة أخرى الأديب العراقي الرائع، الصديق (خضير عبدالامير) وشكا لي أنه يحاول منذ عدة سنوات الحصول على هاتف أرضي من دون جدوى، مع أنه قاص وروائي ورئيس تحرير مجلة (الطليعة الأدبية)، فنشرت مقالة تحدثت فيها عن أحقية الزميل خضير في الحصول على الهاتف، وختمتها بأسلوب ضربة الجزاء الساخر، فخاطبت الصديق خضير على النحو التالي: من أنت يا ابن عبد الأمير حتى تحصل على هاتف؟ هل أنت مديحة معارج، راسم الجميلي، سعاد عبدالله، ميسون البياتي.. الخ، وفوجئت بالمذيعة ميسون البياتي – وأنا أحترمها حقاً – تقدم شكوى لدى مركز شرطة كرادة مريم بتهمة ورود اسمها مع أحد الأسماء الذي تعتقد إنه ليس بمستواها، وقد بعث مركز الشرطة كتاب استدعاء لي، يطلب مني الحضور إلى المركز في التاريخ الفلاني وفي أثناء الدوام الرسمي، وبدوري طلبت من رئيس التحرير أن يكلف محامي الجريدة لمتابعة القضية إلا أنه لم يوافق لأن [القضية شخصية بينك وبين البياتي!] ولم أذهب إلى المركز، ووصلني كتاب ثانٍ بالصيغة نفسها، ولم أحضر، وكان يفترض في حالة وصول كتاب ثالث وامتنع عن الحضور، أن يصدر أمر إلقاء قبض بحقي، لولا إن أحد الزملاء وهو من أصدقائي – كان على علاقة طيبة بالبياتي – إذ قصدها وأجبرها على التنازل!.
تولى الزميل (نصر الله الداوودي) رحمه الله، رئاسة التحرير خلفاً لصلاح الدين، ومع علاقتي الرائعة به، إلا إنه فرض حصاراً شديداً على ضربة جزاء قبل أن يدعوني برجاء مهذب في عام 1993 إلى إيقاف الزاوية لأنه لم يعد بمقدوره – على حد تعبيره – مواجهة ضغوط الحكومة.