بصماتٌ نسائيَّة متميزة في العلوم والتكنولوجيا

ريبورتاج 2022/03/06
...

 فجرمحمد
في ضوء غرفتها الساطع وعلى طاولة صغيرة، كانت الكتب والمجلات العلمية تحيط بريام أكرم، ومن يدخل إلى هذه الغرفة سيشعر بأنه وسط جو من العلم والثقافة والتكنولوجيا في الوقت ذاته، إذ إن الفتاة الشابة تعشق كل ماله صلة بالفضاء والتكنولوجيا، فهي تتابع صفحات ومواقع مختصة بهذه المجالات، وتبدو ريام ملتصقة بشاشة كومبيوترها المحمول وهي تتابع الأخبار والتقارير، وتقول ريام بصوت ملؤه الثقة والشجاعة: "لم تعد هذه المجالات حكرا على الرجال، فنحن النساء اليوم لدينا كل الحق بأن نكون شخصيات مؤثرة ومهمة في هذه التخصصات الفريدة من نوعها". 
 
يوم دولي
يعدُّ عمل الفتاة والمرأة في مجال العلوم والتكنولوجيا من القضايا التي تشغل الرأي العام الدولي، ولذلك خصصت الامم المتحدة يوما خاصا ضمن شهر شباط من كل عام، للاحتفاء وتشجيع النساء على خوض غمار هذا المجال الحيوي والمتجدد، ووفقا لبيانات اليونسكو فإن الاعوام من 2014 إلى 2016 شهدت تسجيل نسبة 30 % فقط من الطالبات من اخترن المجالات المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في التعليم العالي، وعلى الصعيد العالمي فإن التحاق الفتيات منخفض بشكل خاص في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، اذ تبلغ نسبتهن 3 %، والعلوم الطبيعية والرياضيات والإحصاء 5 %، والهندسة والتصنيع والبناء 8 %، ولذلك فإن هناك سعياً لزج النساء وبقوة في تلك المجالات بما يتناسب وامكانياتهن العلمية.
 
بحوثٌ مستمرة
لا تكف عن النشر والمشاركة في أهم المواقع العلمية العالمية الرصينة، إذ إن الأكاديمية والباحثة في جيولوجيا الارض الدكتورة هبة المعمار مولعة بتخصصها، وتحاول دائما أن تضيف لمساتها الخاصة وأفكارها الخلاقة عليه، وتقول المعمار بهذا الخصوص: "تواجه النساء العاملات في مجال العلوم والتكنولوجيا تحديات كبيرة من اجل اثبات امكانياتهن خصوصا، كما وأن إعطاء المرأة دورا كبيرا في هذا المجال هو قضية حقوقية بحتة".
وتشير المعمار إلى أن  عدد النساء العاملات في مجالات العلوم التطبيقية  يقدر بنحو 33 % حسب احصائيات للامم المتحدة وهي نسبة تعدُّ قليلة، مقارنة بعدد النساء في المجتمعات وامكانياتهن العلمية.
 
عالم الفضاء
خصصت مهندسة الدفع الصاروخي في وكالة ناسا الشابة ديانا السندي، صفحتها الشخصية على موقع الانستغرام للتعريف بالفضاء ومجالات العمل فيه، ويحظى موقعها بالمتابعة من قبل العديد من الأشخاص، وعلى وجه الخصوص النساء الشابات اللواتي يبدو أنهن يشعرن بالفضول تجاه هذا العالم الغريب، ولا تبخل السندي عن إجابة متابعاتها على الانستغرام، إذ دائما ما تحاول تشجيعهن لخوض غمار هذا المجال الحيوي والفريد من نوعه.
 
هندسة متميزة
من النساء اللواتي كان لهن بصمة خاصة ومميزة في عالم الهندسة، المعمارية زهاء حديد التي امتازت بأنماطها الغريبة والفريدة من نوعها، ولم تكن تصاميمها تقليدية، بل كانت تميل إلى الغرابة، اذ تميزت أعمالها بالخيال فهي تضع تصميماتها في خطوط حرة سائبة لا تحددها خطوط أفقية أو رأسية، كما تميزت أيضًا بالمتانة، اذ كانت تستخدم الحديد في تصاميمها.
ومن أعمالها المهمة محطة إطفاء الحريق في ألمانيا عام 1993، مبنى متحف الفن الإيطالي في روما عام 2009 والأميركي في سينسياتي  وجسر أبو ظبي، ومركز لندن للرياضات البحرية، والذي تمَّ تخصصيه للألعاب الأولمبية التي أقيمت عام 2012، وكذلك محطة الأنفاق في ستراسبورج، فضلا عن المركز الثقافي في أذربيجان وايضا المركز العلمي في ولسبورج ومحطة البواخر في سالرينو، ومركز للتزحلق على الجليد في إنسبروك، ومركز حيدر علييف الثقافي في باكو عام 2013 من أبرز المشاريع التي أوصلت حديد بجدارة إلى الساحة العالمية.
 
أعرافٌ اجتماعيَّة
على الرغم من أن عدد الفتيات الملتحقات بالمدارس في الأعوام الاخيرة زاد بشكل واضح، الا أن اليونسكو تقر بأنهن يعانين من الأعراف الاجتماعية والتحيز مما يمنعهن من الحصول على فرص متساوية مع الأولاد، الذين تشير اليونسكو إلى أنهم الأكثر حظا في اختيار المجالات التي يريدونها، وأفادت التقارير الى أن الأعراف الاجتماعية والتحيز أحيانا، قد يؤثران في جودة التعليم، الذي تتلقاه الفتاة والمواضيع التي تختار دراستها مستقبلا، وبدا واضحا أن هناك تناقصا في أعداد الفتيات اللواتي يخترن دراسة العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، ووفقا لليونسكو فإن هذه المجالات تعد هي وظائف المستقبل، وتسهم بتحقيق الرفاهية والعيش الكريم لمن يعمل بها، وهناك سعي لحث الدول لا سيما الأعضاء في اليونسكو على تشجيع الفتيات، ليصبحن رائدات في تلك الحقول العلميَّة.
 
طرائق التدريس
وضعت اليونسكو عبر موقعها الالكتروني عدداً من الأهداف لا بدَّ من الوصول اليها ليصبح للفتاة دورٌ أكبر في ميادين العوم والتكنولوجيا، وتخصصات الرياضيات والهندسة، منها أن يكون هناك اهتمامٌ كبيرٌ بالتعليم، خصوصا طرائق التدريس من خلال تدريب المعلمين والمعلمات، ليغرسوا الوعي وحب هذه المجالات العلمية في نفوس طالباتهم، كما دعت اليونسكو إلى ردم الفجوة الحاصلة بين الذكور والإناث في هذه الحقول الحيويَّة المهمة، إذ وجدت دراساتها أن هناك نسبةً كبيرة من الفتيات حول العالم لا تتوفر لديهن فرصة دراسة التخصصات العلمية الدقيقة.