قلق (حنطاوي) مشروع

الصفحة الاخيرة 2022/03/06
...

عبد الهادي مهودر
وحدة قياس العراقيين في كل الأزمات هي الحنطة وطحينها وعدد رغيف الخبز والصمون مقابل الدينار العراقي ، وكيس الطحين حصة الجميع وهو - بحمد الله - خارج نطاق الحصص السياسية والقومية والطائفية، واستقرار أسعاره هو استقرار للأسرة العراقية وأمنها الغذائي الرئيس، (عشرة بألف وثمانية بألف وستة وخمسة بألف) هي مقياس المواطن وخطه البياني والأرقام التي تجعل القلق مشروعاً مع احتدام الصراع الدولي المفتوح على كل الاحتمالات، غير إن ما يطمئن العراقيين، حالياً على الأقل، هو أن غالبية إنتاج محصول القمح يخرج من الأرض العراقية وبيد الفلاح العراقي الذي يبيعه لوزارة التجارة وتوزعه بدورها عبر البطاقة التموينية التي لازمتنا منذ حصار التسعينيات، والحسنة الأخرى هي إن العراق لا يستورد القمح من الدولتين المتحاربتين، روسيا وأوكرانيا، اللتين تملكان ربع إنتاج القمح العالمي، إلا إن هذه الحسنات تقابلها سيئات ارتفاع أسعار القمح العالمية لكثرة الطلب وقلة المعروض ولتخزينه في سنبله بنصائح الاقتصاديين ومعبّري الأحلام، ولكون الاقتصاد العالمي مترابطاً والدول غير منعزلة عن بعضها والمخاوف من أزمة غذاء عالمية ليست أضغاث أحلام، وأمام هذه الاحتمالات فملف (الحنطة) يجب أن يكون حربنا المقبلة التي تتطلب مسك الأرض ورعاية الفلاح إلى حد الدلال وحشد إمكانات الدولة لكسب هذه المعركة وتوفير دعم مالي استثنائي لسد الحاجة المحلية وضمان تدفق المستحقات للفلاحين قبل أن يجف عرق جبينهم وتوفير خزين للسنين العجاف والشِداد المحتملة، وحل مشكلة المياه مع دول المنبع، والدعم المالي يبدأ بالأرض والفلاح مروراً بالتسويق وانتهاءً بالحصة التموينية المحمية وبضبط الأسعار في السوق، هي معركة حياة لأن رغيف الخبز وخلافاً لكل الاحتياجات الأساسية ليس إنتاج وزارة بعينها وإنما إنتاج الدولة ورغيف الدولة والأمن الغذائي شهادة نجاح لسياساتها والعكس صحيح، وإذا استعد ملك مصر وعالي المقام (لحلم) جاءه في المنام وقال ( يا أيها الملأ أَفتُوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تَعبرون)، فحريٌ بنا الاستعداد للحظة (الحقيقة) .