ترجمة: أنيس الصفار
تشير حسابات تحويل ومبيعات كشف عنها النقاب، واطلعت عليها صحيفة “واشنطن بوست”، إلى أن الولايات المتحدة كانت تصعد بدرجة كبيرة شحناتها من الأسلحة الفتاكة ومعدات الحماية والوقاية إلى أوكرانيا مع تزايد احتمالات الغزو الروسي وضوحاً وتحولها إلى حقيقة واقعة.
تشير القوائم إلى أنَّ البنتاغون كانت عاكفة منذ شهر كانون الأول الماضي على تزويد المقاتلين الأوكرانيين بالأسلحة والمعدات المناسبة للحرب في المناطق المدنية، بما في ذلك بنادق الصيد والبذلات الخاصة لحماية الجنود حين التعامل مع الذخائر غير المنفلقة. وقد كثفت إدارة بايدن خلال الأسبوع الماضي هذه الشحنات بإرسالها لأول مرة منظومات صواريخ “ستنغر” المضادة للطائرات بالإضافة إلى تعزيز قوة كييف بإمدادات من صواريخ “جافلن” المضادة للدبابات وغير ذلك من الذخائر.
عند أخذ الأمر بمجمله فإنَّ تنوع مصادر القوة النارية التي أرسلت على وجه السرعة إلى منطقة الحرب وحجمها وفعاليتها يكشف عن مدى حرص الولايات المتحدة على إعداد الجيش الأوكراني لخوض ما يسمى “الحرب الهجينة” ضدّ روسيا في تزامن مع تأكيدات الرئيس بايدن القاطعة على استبعاد الزجّ بجنود أميركيين في القتال.
في يوم الجمعة الماضي صرَّح مسؤول كبير في وزارة الدفاع للصحفيين، بعد اشتراطه عدم ذكر اسمه، فقال: “هذه العملية كانت مستمرة بلا توقف، فنحن نرعى بشكل مستمر احتياجات أوكرانيا وقد كنا مواظبين على هذا منذ سنوات. كل ما فعلناه الآن هو أننا عجَّلنا بعملية تحديد نوع الاحتياج مع تسريع التشاور مع الأوكرانيين أيضاً، إذ صرنا نتواصل معهم بشكل يومي بعد أن كان الأمر مقتصراً على لقاءات دورية قبل الأزمة الراهنة.”
امتنع “جون كيربي”، كبير المتحدثين باسم البنتاغون، عن التعليق بيد أنَّ قائمة المواد المرسلة التي اطلعت عليها صحيفة “واشنطن بوست” بدت متماشية بشكل عام مع التصريحات المعلنة للإدارة بشأن المعدات المرسلة، ولم تتضمن أيَّ معلومات تدخل في باب السرية.
رغم تمكن المقاتلين الأوكرانيين من إبطاء حركة الغزو تواصل القوات الروسية تحقيق المكاسب وهي تزحف مقتربة من المناطق المدنية، حيث تخضع العاصمة كييف وكذلك “خاركيف”، ثاني أكبر المدن الأوكرانية، للقصف الثقيل. يطبق الجنود الروس أيضاً على مدينة “ماريوبول” الستراتيجية ومينائها على بحر آزوف كما يشقون طريقهم من القرم باتجاه “أوديسا” ثاني أكبر الموانئ الأوكرانية.
يقول عديد من الخبراء إنَّ الحرب سوف تتجه بالنتيجة إلى حرب شوارع رغم كل ما يبذله الجيش الأوكراني من جهود لاستنزاف القوات الروسية، خصوصاً إذا ما تمكنت موسكو من فرض سيطرتها على المدن الرئيسة. توحي قائمة الأسلحة والمعدات المرسلة أيضاً أنَّ إدارة بايدن كانت تضع في منظار توقعاتها أنَّ أوكرانيا ستحتاج إلى التسلح بما يُعينها على مواجهة غزو متعدد المحاور.
تؤكد القوائم أيضاً أنَّ إدارة بايدن قد أرسلت إلى أوكرانيا على مدى الأيام الماضية منظومات دفاع “ستنغر” المحمولة المضادة للجو، وهي أسلحة تتيح للجنود استهداف الطائرات الروسية. أرسلت هذه المنظومات إلى جانب شحنات من صواريخ “جافلن” والقاذفات وهي كلها من المقومات الأساسية في مساعدة الجيش الأوكراني منذ العام 2018 إلى جانب
الذخائر الأخرى.
أقرت شحنات الأسلحة والمعدات المذكورة، بالإضافة إلى مساعدات عسكرية أخرى تقدر قيمتها بنحو 200 مليون دولار، لأوكرانيا في أواخر شهر كانون الأول وهي تتضمن أيضاً قاذفات صواريخ من طراز (M141) التي تطلق من الكتف لمرة واحدة وبنادق من طراز (M500) وقاذفات قنابل يدوية من طراز (Mk 19) ومدافع مصغرة من طراز (M134) لإطلاق النار من الطائرات المروحية وكذلك بذلات واقية من الذخائر غير المنفلقة. وكانت وكالة رويترز للأنباء قد نقلت عن السفارة الأميركية في 22 كانون الثاني أنَّ حزمة مساعدات أمنية تبلغ قيمتها 200 مليون دولار قد وصلت إلى كييف من الولايات المتحدة.
تحجم البنتاغون عن تحديد أحجام أو أنواع المعدات العسكرية التي زوّدت بها أوكرانيا بشكل كامل منذ أن بدأت نغمة التهديدات الروسية تتصاعد حدة خلال الشتاء. وقد أبدى المسؤولون الأميركيون تحفظاً إزاء تحديد ماهية القدرات التي أصبحت الآن في متناول الجانب الأوكراني.
الولايات المتحدة هي واحدة من بين 14 دولة قامت بإيصال معونات أمنية لأوكرانيا، وبعض هذه المعونات كانت مرسلة أصلاً إلى حلفاء آخرين للولايات المتحدة ولكن أقر في وقت لاحق تحويلها إلى أوكرانيا. من بين الشحنات التي تم تحويلها من دول حليفة منظومات مضادة للدروع وأخرى مضادة للطائرات.
خلال السنة الماضية خصصت الولايات المتحدة لأوكرانيا أكثر من مليار دولار على شكل مساعدات عسكرية، على حد قول المسؤول الكبير في وزارة الدفاع. وقد تضمنت تلك المساعدات، وفقاً للقوائم التي اطلعت عليها صحيفة “واشنطن بوست”، رادارات مضادة لقذائف الهاون وأجهزة لاسلكي مؤمنة ومعدات إلكترونية وطبية وآليات، بالإضافة إلى إمداد مستمر من منظومات صواريخ “جافلن”. إلى جانب ذلك أرسلت إلى أوكرانيا تسعة زوارق دورية في الأقل وخمس طائرات مروحية من طراز (Mi-17) سحبت من احتياطي الولايات المتحدة.
* كارون ديمرجيان وأليكس هورتون/ عن صحيفة واشنطن بوست