تجارة الأجساد

العراق 2022/03/07
...

اللواء الدكتور عدي سمير الحسـاني
يُبنى المجتمع ويتطور بالطاقات والإبداعات الفكرية الشبابية والتي من خلالها تنهض وترتقي الشعوب وتزدهر، وهي اُسس ثابتة ترسم خارطة طريق تتناقلها وتُطورها الأجيال وبما يخدم الانسانية.
وحتماً أن هذه الإبداعات الخدمية لا تأتي من فراغ وإنما من مجهود يُبذل لتطوير الذات الانساني (الشبابي) الخادم للبشرية جمعاء لا سيما تلك التي تدخل في تفاصيل الحياة الدقيقة والتي من الممكن أن تؤسس لطفرة نوعية في تغير الحال إلى أفضله.
ففي الجانب المُشرق منه تجد من يحاول الإبداع في الجانب الصحي والتطوير الدوائي خدمةً للمرضى وتخفيف أوجاعهم، ومنهم من يعمل على التطوير التكنولوجي والعلمي الخادم للمجتمعات، وكذلك الإبداع الفكري في مجال الصناعات التي سَهلت الصعاب وجعلت الحياة تبدو أسهل مما كانت عليه، وكذا التطور الخدمي الذي ازدهرت معه البلدان وغيرت المفاهيم التقليدية الرامية لتقديم الخدمات المتجددة التي يحتاجها الفرد في حياته اليومية.
بالمقابل نجد بعض الإبداعات الشبابية التي تُدمر العقول وتؤسس لانحرافات نفسية وفكرية وعقائدية والتي تؤدي إلى زرع مفاهيم لا إنسانية داخل المجتمع الانساني، فالبعض جعل من نفسه أضحوكة من خلال سفاهاته التي ينشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبعضُهن يُبدعن في عرض مفاتن أجسامهن عبر (التيك توك) من أجل الحصول على أكبر عدد من المُتابعين لنشر الرذيلة والعبث في عقول الشباب.
والبعض الآخر ابتدع مهناً جديدة ومنها الترويج الدعائي  للمواد والسلع والمطاعم والمحال ومراكز التجميل، وحتماً هو موضوع محل احترام وحق تجاري مشروع يستطيع من خلاله التجار تعريف المُستفيدين ببضائعهم لتصريفها، ولكن هذا الموضوع أفرز لنا نوعاً جديداً غير مألوف على الساحة الاجتماعية تحت مُسمى (فاشينيستا) وملحقاتها، والتي انتشرت وبشكل كبير جداً واصبحت مصدراً يدر على ممتهنيها أرباحاً كبيرة وكثيرة فاقت التصورات.
فالبعض منهم يروج لنفسه عبر مواقع التواصل الاجتماعي ويعرض حجم أملاكه وعدد الهدايا التي تصلهم من معجبيهم من أموال وسيارات حديثة ومجوهرات.
إن هذه الأموال والتي تأتي بسهولة من دون عناء، ألا يستوجب أن نقف عندها لا سيما أنها جاءت باعتراف عارضيها، ألا تُثير التساؤلات وتضع عدة علامات استفهام، ألا يُنذر بمخاطر مستقبلية لتحقيق أرباحاً بطرق إجرامية من قبل البعض الذي يحاول التشبه بهؤلاء، ألا يدق ناقوس خطر غسيل الأموال.
اذاً صار من الواجب أن نقف عند حجم التضخم في أموال وأملاك هؤلاء ووضع ضوابط مالية معينة حفاظاً على الاقتصاد المحلي تحقيقاً للأمن الاقتصادي.