في الدرجة صفر

العراق 2022/03/09
...

أحمد عبد الحسين
ثقة المواطن العراقيّ بساسته بلغتْ الدرجة صفر منذ أمد بعيد. وليست المشكلة هنا تحديداً، بل في كون السياسيّ لا يفعل شيئاً لإضافة رقمٍ إلى هذا الصفر. وليس هذا جوهر المعضلة أيضاً وإنما في كون الساسة لا يثقون ببعضهم البعض، فلا تراهم يتحاورون؛ وإنْ جلسوا إلى طاولة واحدة فإنّ ذلك إلى مداولات التجّار والصيارفة أقرب منه إلى مفاوضات سياسيين.
انعدام الثقة يبسط ظلاً ثقيلاً على حياتنا السياسية. ألهذا يبدو أن كلّ ناتج سياسيّ محليّ غير مضمون؟ لا أحد يثق بما تنتجه الغرف التي تضمّ ساسة عراقيين فقط، سيظلون دوماً بحاجة إلى منتج مستورَد. تزداد نسبة ثقتهم إذا كان القرار آتياً من مناشئ خارج الحدود.
الجمود سيّد الموقف، وكلّما فُتحتْ ثغرة في جدار سوء الفهم بين الكتل، أغلقتْ بالمزيد من سوء الفهم الذي هو جوهر علاقة السياسيين ببعضهم، فإذا كانت الدول والأحزاب والشخصيّات دأبتْ على توقيع مذكرات تفاهم، فإنّ جماعتنا مولعون بتوقيع مذكرات سوء تفاهم.
جميعنا بانتظار "شيء" ما يأتي من الشرق أو الغرب ليكسر هذا الجمود. وإذا تأخر علينا وصول الحلّ من بلد المنشأ فسنظلّ نترقّب وصوله دون أن تكون لدينا القدرة على صناعته.
بديهيّ أن رضوخ أية أمّة لقرار أجنبيّ عنها ليس سببه الاقتصاد وحسب ولا الاستقواء بالسلاح فقط، بل هو في الصميم عجز النخبة السياسية عن إيجاد حلول لأزماتها.
يصرّ طيف واسع من الساسة على مبدأ الاستصحاب أيْ إبقاء ما كان على ما كان، والاستمرار على المحاصصة باسمها الجديد "التوافق" بسبب أن هذا الاستصحاب يرضي الشرق والغرب أولاً لإدامة هيمنتهما على القرار العراقيّ، ولأنّهم خبراء في مداولات التوافق لأنّ فيها ما يحسنونه جيداً: حسابات التاجر.
أما السياسة ومحاولة إيجاد نظام سياسيّ جديد يعيد للعراق قوّته ومكانته، فنحن بانتظار البضاعة المستوردة حتى ولو كانتْ فاسدة.