زيد الحلي
ليلة الخميس المنصرم، عاش العراق "هجمة" ترابية ورملية عاتية، سببت تداعيات صحية ونفسية كبيرة على المواطنين، وخراباً بيئياً ودماراً شاسع المدى على مستوى الإنسان والزراعة، وشهدت الطرق حوادث خطيرة، بينما اكتظت المستشفيات بحالات اختناق، لا سيما مرضى حساسية القصبات، وفي الأنباء أن هجمات مماثلة ستشهدها مدن العراق خلال ساعات اليوم والغد، إذ سيقل مدى الرؤية الأفقية، وتكون سرعتها 70 كم في الساعة.
وأتذكر أن مثل هذه الهجمات (الغبارية) غير المرحب بها، كانت محور جهود حثيثة لدرئها، شهدها العراق قبل نحو 50 سنة، واتخذت قرارات لتجنبها وخصوصاً عند محيط العاصمة، بغداد، وأنقل ما سجلته مفكرتي
الصحفية:
في منتصف سبعينيات القرن المنصرم، دعانا الوزير الكردي سامي عبد الرحمن، وكان وزيراً لشؤون الشمال، ووزيراً للزراعة والإصلاح الزراعي وكالة، أنا والزميل حارث طاقة من وكالة الأنباء العراقية، طيب الله ثراه، إلى مصاحبته في جولة (جوية) للاطلاع على حدود (الحزام الأخضر) الذي سـ (يحيط بغداد) درءاً لإزعاجات موجة الحر والغبار التي تحل ضيفاً مزعجاً سنوياً على
العراق.
انطلقنا من مطار المثنى في طائرة هليكوبتر، وبدأنا نستمع بعد دقائق ونحن نتطلع إلى حدود بغداد، لشروحات مهندس متخصص كان بمعية الوزير حول آليات الشروع بالحزام الأخضر والاهتمام الكبير بإنجازه، ليكون على شكل قوس حول العاصمة التي تتعرض إلى عواصف ترابية وكثبان رملية بسبب الرياح الموسمية، بهدف مكافحة ظاهرة التصحر ووقف زحف الكثبان الرملية بالطرق الميكانيكية (التغطية الطينية) وتنمية الغطاء النباتي وزراعة الأشجار والشجيرات التي تتحمل الجفاف والملوحة، ذاكراً أنواع النباتات التي تستعمل في مشروع الحزام الأخضر التي يجب أن تكون نباتات سريعة النمو ودائمة الخضرة، وتكون ذات جذور وتربة عميقة لمقاومة الرياح وكذلك عدم منافسة المحاصيل الزراعية المزروعة تحت الأشجار وأن تكون من الأنواع المعمرة.
لكن، هل تحقق حلم (الحزام الاخضر) على أرض الواقع بعد تلك العقود التي أعقبت ساعات تحليقنا في أجواء بغداد الحبيبة؟ الواقع يقول: كلا مع الأسف.. الحال بقي على حاله، بل زاد الأمر سوءاً!.