هل سيستخدم بوتين الأسلحة النوويَّة؟

قضايا عربية ودولية 2022/03/10
...

 دان صباغ
ترجمة: أنيس الصفار    
                                        
في يوم الأحد 27 شباط استدعى الرئيس الروسي وزير دفاعه "سيرغي شويغو" وقائد الأركان العسكريَّة "فاليري غيراسيموف" لاجتماع معلن وأصدر إليهما أمراً بنقل قوات الردع في الجيش الروسي (وهي إشارة إلى الأسلحة النووية) إلى ما وُصف بـ "الوضع المخصص للواجبات القتالية".
كان التهديد الدبلوماسي واضحاً بما يكفي غير أنَّ الصياغة الدقيقة للعبارات أوقعت الخبراء المتخصصين بالشأن النووي ووزراء الدفاع في تشوش لأنهم لم يستطيعوا تمييز ما الذي سيترتب بالتحديد على عبارة "الوضع المخصص للواجبات القتالية". رغم هذا كان هناك اتفاق بينهم على أنَّ التهديد لا يزال بمستوى واطئ رغم ارتفاع نغمته.
على صفحته في موقع تويتر كتب "بافل بودفيغ"، وهو من أبرز الخبراء في شؤون القوة النووية الروسية، تغريدة قال فيها: إنَّ "المعنى المرجح" لأمر بوتين هو إعطاء منظومة القيادة والتحكم النووية ما يعرف بـ "الأمر الأولي" وهذا يتضمن من الناحية الفعلية تشغيل المنظومة ثم انتظار أمر الإطلاق للمضي به قدماً فور صدوره.
قال بودفيغ: إنَّ الأمر يبيح أيضاً إطلاق الأسلحة النووية في حالة اختفاء الرئيس أو تعذر الوصول إليه أو الاتصال به، لكنه يضيف مستدركاً أنَّ هذا كله لن يحدث إلا في حالة التقاط إشارات أولاً تدل على حدوث تفجيرات نووية فعلية على الأراضي الروسية.
يقول "ديفد كولن"، من "خدمة المعلومات النووية": إنَّ هذا الإجراء شبيه مناظر بدرجة ما لمنظومة التوجيه البريطانية، حيث يسلم قادة غواصات "ترايدنت" النووية ما يسمى "خطابات الملاذ الأخير" الموقعة من رئيس الوزراء والتي تتضمن توجيهات حول كيفية التصرف إذا ما تأكد لهم أنَّ بريطانيا تتعرض للدمار جراء هجوم نووي شامل.
يقول بودفيغ وخبراء آخرون إنَّ أمر بوتين ربما كان يتضمن إجراء تغييرات عملياتية أخرى، وهذه قد تتضمن إرسال مزيد من الغواصات الحاملة للأسلحة النووية إلى البحر أو نشر صواريخ نووية بعيدة المدى على محيط الأراضي الروسية في مواقع يمكن نظرياً إطلاقها منها.
بيد أنَّ بودفيغ يضيف مستدركاً أنَّ الأمر قد لا يكون هكذا بالضرورة نظراً للغموض المتعمد الذي صيغت به عبارات بوتين.
يقول وزير الدفاع البريطاني "بن والاس" إنه لم يتمكن من استقراء مرامي العبارات التي استخدمها بوتين، وفي حديث مع "بي بي سي" قال الوزير: إنَّ تلك الصياغات "ليست مما تتضمنه عقيدتهم"، على حد تعبيره. أضاف الوزير أنَّ هذه الحركة كان القصد منها إخافة الغرب وتذكير العالم بالرادع الذي تمتلكه روسيا، وهو إلى جانب ذلك صرف للأنظار يجعل الغرب يتحول إلى التفكير في هذا الجانب بدلاً من الالتفات إلى ضعف النجاحات المتحققة في أوكرانيا، على حد تعبير الوزير البريطاني.
حذر وزير الدفاع البريطاني أيضاً من أنَّ روسيا قادرة من الناحية النظرية على استخدام ما يسمى "الأسلحة النووية التكتيكية" في معركتها مع أوكرانيا، لكن هذا سوف يرقى بالتصعيد إلى مستوى هائل ضد من يصفهم بوتين بأنهم والروس "شعب واحد لا شعبان".
يقول "سيباستيان بركسي وليامز" المدير المساعد في مؤسسة "بيسك" الفكرية: "هذه الأسلحة لا تقل شدة على الإطلاق عن قنبلتي هيروشيما وناغازاكي, ومعظم العارفين الملمين يؤمنون بأن لا وجود لشيء اسمه أسلحة نووية غير ستراتيجية."
لم توضح روسيا المغزى ولكن وردت من الكرملين نفسه إشارة في يوم 28 شباط بأنَّ ذلك التصريح كان في الأساس صيغة من صيغ دبلوماسية المجازفة العالية. قال المتحدث باسم الكرملين "ديمتري بيسكوف": إنَّ القرار جاء رداً على تحذيرات غربية متنوعة تضمنت احتمال حدوث ما وصف بأنه "صدام ومواجهات بين حلف الناتو وروسيا." بيد أنَّ "ماثيو هاريس"، وهو متخصص بالشأن النووي من مؤسسة "روسي" الفكرية، يقول إنَّ تلك التصريحات تحذير بشكل مختلف، إنها ببساطة وعيد خلاصته "نحن قادرون على إيذائكم والحرب معنا خطيرة." كذلك هو تذكير للغرب، الذي يواصل تسليح أوكرانيا على نحو متصاعد، بعدم التمادي كثيراً. يمكننا أن نستشفَّ أيضاً أنَّ روسيا بصدد التخطيط لتصعيد خطير في أوكرانيا لذا وجب على الغرب أن يحذر.   
 
عن صحيفة الغارديان