تَغريدة السيد الصدر أمس كشفتْ عن مأزقٍ حادّ يمرّ به الجميع:
ـ قوى الإطار بعد رضّة الانتخابات وعجزها عن استمالة الصدر لإنشاء التوليفة المحاصصاتية القديمة التي هي أمّ المآزق وأبوها.
ـ الصدريون أنفسهم الذين ذهبتْ نشوة فوزهم أمام استحقاق تشكيل الحكومة في ظلّ إرث محاصصة صلبٍ لم يزل شغالاً ويرفض أصحابه التخلّي عن مكتسباته فائزين كانوا أم خاسرين.
ـ ثم أخيراً المستقلّون على قلّة عددهم وتضافر الأقوياء عليهم وارتهانهم لشعبويةٍ هي التي أصعدتهم لكنّها هي ذاتها التي توقفهم الآن بين بين، في الأرض الحرام بين التوافقية والأغلبية.
ومحنة المستقلّين أشدّ. جمهورهم ضاغط ومتطلّب وشديد الحساسية. هو ليس كجمهور الإطاريين الذي صُنع تحت تأثير بثّ سياسيّ عقائديّ وله مرجعيتان؛ سياسية تتمثل في أسماء قادة معروفين ودينيّة داخل وخارج العراق. كما أنه ليس كجمهور الصدريين الذي تنعدم فيه الاعتراضات بل الانتقادات.
في تغريدة الصدر إشارة إلى أنه يحتاج إلى المستقلين الآن لئلا يكونوا مع “الثلث المعطّل”. ربما يجعل هذا الأمر جمهور المستقلين والتشرينيين يشعرون بالنشوة أنّ نوّابهم صاروا حجر زاوية في بيت السياسة، لكنّ المفاجأة بانتظارنا في المنعطف المقبل: لا بدّ من خيار.
الوقوف ضدّ خيار الأغلبية بشكل صريح أمر غير وارد في حسابات المستقلين بداهةً لأنه يناقض جوهر رسالتهم المتمثلة بالتغيير، أما الدخول مع الصدريين لتشكيل الأغلبية “وأنا أعرف أن كثيرين منهم يفضلونه من دون قدرة على التصريح به” سيفتح عليهم باب النقمة من قبل مناصريهم النشطين في وسائل التواصل وفي الساحات، كما سيفتح باب غضب الأحزاب المتنفذة. خيارهم الثالث هو الوقوف على التلّ ومراقبة ما يجري بتشفٍّ، وهو عين ما يفعله الناشطون وما يريدون لنوّابهم أن يفعلوه.
نقفُ عالياً نراقب بعين الشامت حاجةَ الآخرين إلينا، ونتشفى بخصومنا، ففي الأمر متعة كبيرة لكنها قد تنتهي برؤيتنا الخصوم المتصارعين وقد يئسوا منّا تصالحوا مرة أخرى وعادوا إلى سيرتهم الأولى: تقاسم الحصص والبدء بدورة جديدة من الخراب.
في التشفّي متعة. لكنّ التشفّي ليس شفاء!