اللواء الدكتور عدي سمير الحسـاني
تسن الدولة قوانينها التي تُنظم بها نشاطها الداخلي والخارجي وتستند في ذلك على ما جاء في دستورها وما استندت عليه من أعراف وتقاليد، وفي سبيل ذلك ومن أجل تسيير أعمال متطلبات مجتمعها تعمد إلى وضع الأنظمة اللازمة لتنظيم شؤون مؤسساتها وفقاً لما تتطلبه المصلحة العامة.
وتعتمد الدولة في تطبيق ذلك على موظفيها وهم الأداة التي خولتها القوانين الوظيفية القيام بالواجبات الأساسية لتلك المؤسسات لتحقيق النفع العام.
لذلك تُعد هذه الأعمال من الواجبات التي يُحاسب على مخالفتها القانون، وقد يحدث أن يتصور بعض الموظفين أنهم فوق القانون أو أنهم يفسرونه على ما يُريدون ويجعلونه عبارة عن العوبة ينفذون من خلالها مبتغاهم وأغراضهم الشخصية، متناسين أنهم وجدوا لخدمة المواطن وتنفيذ متطلباته التي هي جزء من حقوقه التي منحها له الدستور والقوانين والأنظمة.
الأمر الذي يتطلب معه توعية البعض من هؤلاء الموظفين الذين حجب الفساد أنظارهم عن حب مواطنيهم وبلدهم، لا بل انعدم الضمير الإنساني الحي وأصبح كل همهم أموال السُحت والحرام ولا هم لهم إلا المنفعة على حساب المواطن والبلد والتربُح من المال العام بأي طريقة كانت والتأسيس لشبكات فاسدة مستغلين بذلك سلطتهم التي خولتها لهم القوانين الوظيفية.
إن انتشار هذه النفسيات الدنيئة بمزاجيات متلونة وملوثة قد يسيء إلى الواجب المقدس في خدمة المجتمع.
وصار من اللازم الانطلاق بثورة إصلاحية فكرية تثقيفية كبيرة لتوعية المواطن بحقوقه التي لا يمكن أن يتنازل عنها، تقابل ذلك عملية إصلاحية لأولئك المتصيدين في الماء العكر ممن يعيشون على دماء وقوت أبناء شعبهم.
إذاً نحتاج لعملية إصلاح للذات الإنسانية وإنعاش الضمائر الميتة وتوعيتهم بأن خدمة العراق وشعبه من الفرائض الإنسانية التي أوجبتها القوانين السماوية قبل القوانين الوضعية.
بالمقابل نجد القسم الأكبر من الموظفين ممن ميزتهم أعمالهم وجعلتهم في نتاج كمي ونوعي وعلمي وثقافي وخدمي دائم، وصار من الواجب الوطني أن نسلط الأضواء عليهم حتى لا تُبخس حقوقهم.
فاليوم أصبحنا بحاجة مُلحة لنشر الفكر التوعوي فالصلاح يسبقه إصلاح الفكر لتتوازن الأفكار الداخلية للنفس الإنسانية (الخير بما يقابله من شر) واتزان الجانب الفكري لتتم تنمية الفكر السليم والذي على أساسه سينشأ مجتمع وظيفي متعاف من الشوائب والأفكار الشيطانية وبما يخدم العراق وشعبه.