مهدي جاسم حسون المعاوي
يعد شط العرب نهراً عراقياً بالكامل يمتد من مدينة القرنة إلى مدينة المحمرة وبعد هذه النقطة يصبح نهراً مشتركاً مع إيران لغاية المصب في الخليج العربي في رأس البيشة العراقية، لذلك فإن الملوحة في شط العرب تخضع لكمية المياه الجارية من دجلة والفرات في العراق ومن نهر الكارون في إيران، إن هذه المشكلة ليست وليدة اليوم، فهي موجودة منذ أمد بعيد وفي فترة السبعينيات من القرن الماضي وعندما كنا طلاباً في جامعة البصرة فإن الماء الواصل من الإسالة كان فيه الشيء الكثير من الملوحة المحسوسة.
وازداد تدهور مياه شط العرب تدريجياً مع انخفاض كميات المياه الواصلة إلى مدينة البصرة من دجلة والفرات للأسباب المعروفة التي يلمسها ويطلع عليها القراء والمتابعون من وسائل الإعلام. أما نهر الكارون فإن الكميات الواردة فيه قد انعدمت تقريباً مع قلة الأمطار وإقامة مشاريع سدود خزنية وتحويلية في إيران.
سد غاطس
تم الاقتراح في جلسة إنشاء سد غاطس في منطقة أبي الخصيب وتمت مناقشة المقترح باستفاضة في ورشة العمل، ولغرض تسليط الضوء على هذه المشكلة التي تعاني منها محافظة البصرة وإمكانية وضع حلول معقولة وغير مكلفة فإنني أضع أمام المختصين وأصحاب القرار مقترحاً لمعالجة الموضوع.
يتلخص المقترح بإنشاء سد غاطس خرساني على شط العرب شمال ميناء أبي فلوس جنوب مدينة أبي الخصيب بطول 500 م تقريباً في الجزء العميق من شط العرب ويكون ارتفاع هذا السد بارتفاع المد أو يقل بـ10 سم.
أما الجزء الضحل من شط العرب الذي يبلغ عرضه 1000م تقريباً فيمكن إنشاء سد ترابي فيه ويغلف من المقدمة ومن النهاية بالحجر ويمكن أن يكون بارتفاع 20سم عن مستوى المد لضمان تمرير أي موجة فيضانية محتملة.
فوائد
عند إنجاز السد يمكن الاستفادة من المياه العذبة في الشرب والزراعة من موقع السد جنوباً إلى مدينة القرنة شمالاً على جانبي الشط وكذلك إنشاء قناة إروائية من مقدمة السد تتجه إلى مدينة الفاو ورأس البيشة وبسعة (50- 40)م3 بجانب الطريق من الجهة اليمنى.
على أن يكون السقي بالواسطة (المضخات) وبالأنابيب لكي تضمن الاستفادة القصوى من
المياه.
علماً أن هناك قناة صغيرة تصل إلى الفاو من جنوب ميناء أبي فلوس وبطبيعة الحال تطرح تساؤلات عدة حول المقترح، منها لماذا لا يكون السد في رأس البيشة أو أن الأرض سوف تتغدق من تأثير المياه ومنها تأثير السد على الملاحة وكلفة المشروع.
إجابات
إن الإجابة على هذه التساؤلات تكمن في أن إنجاز السد في رأس البيشة سيكون مكلفاً جداً حيث إن شط العرب أعرض وأعمق في تلك المنطقة ويتطلب المشاركة مع إيران لتصميمه وإنجازه وإن الكلفة ستكون باهظة لضرورة إنجاز فتحة ملاحية تؤمن الملاحة للموانئ الإيرانية ولميناء أبي فلوس العراقي على ضفتي شط العرب.
معالجات
أما عن تغدق التربة فإن ارتفاع السد المقترح في أبي الخصيب سيكون بحدود ارتفاع المد أي لا جديد في انتشار المياه في الأراضي المجاورة، بالنسبة للفتحة الملاحية فيمكن إنجاز فتحة ملاحية محدودة لأغراض ميناء المعقل وسلم أسماك وقد لا نحتاج لمثل هذه الفتحة، إذ تذكرني بالفتحة الملاحية في سدة الكوت التي لا تفتح أبداً في حين أن موضوع الكلفة سيقل إلى حد كبير عن كلفة سد غاطس في رأس البيشة للأسباب التي ذكرت آنفاً (عرض الشط، عمقه، وعدم الحاجة لفتحة ملاحية والأهم عدم وجود شريك، فكلتا الضفتين عراقيتان).
إن الاستعجال في معالجة المشكلة والبدء بالتصاميم وإنشاء السد الغاطس يوفر الماء الصالح للزراعة والشرب وتحسين بيئة البصرة وإعمار ساحل شط العرب الغربي لغاية رأس البيشة لأغراض الزراعة والسكن والسياحة وإنشاء المشاريع
الصناعية.