بغداد: محمد الأنصاري
كان يفترض أن تشهد مدن العراق اليوم السبت 9 نيسان، مظاهر احتفالية لمناسبة هي بمثابة العيد الأكبر للعراقيين المظلومين والشرفاء، حيث تحلّ الذكرى الـ19 لسقوط صنم الطاغية المقبور صدام وتحررهم من النظام الإجرامي الذي زرع البلاد بالموت والظلم والدمار، بغض النظر عن تفسير هذا اليوم وما رافقه من احتلال بغيض، إلا أن المتابع لا يشاهد أي مظهر فرح أو احتفال.
عن أسباب الإخفاق والفشل مابعد 2003، قالَ الباحث والمحلل السياسي الدكتور حيدر سلمان في حديث لـ"الصباح": إن "النظام في العراق بعد عام 2003 هو نتاج إسقاط النظام السابق بفعل عسكري خارجي من الولايات المتحدة وحلفائها بدون تفويض دولي، ما أنتج منظومة هجينة بثوب وشكل خارجي ديمقراطي انتخابي ولكنه بقلب فوضوي والقائمون على النظام نفسه يقرون بذلك".
وأضاف، أن "الضعف الذي أصاب العراق بعد التغيير غيبه عن دوره الخارجي بشكل لافت حتى أصبح دولة هامشية، فحين لا تتمكن من السيطرة على الداخل لا يمكنك المشاركة والتأثير بالخارج بأي حال من الأحوال".
وتابع، أنه "باعتراف الأحزاب المشاركة في السلطة نفسها، كانوا جزءاً من التدهور للبلد المنتج للنفط وهي أهم ثروات العالم في مرحلته الحالية، ولا يستطيع المواطن أن يرى أثر الثروة على أرض الواقع وأبرز ما يراه صراعات ومضاربات وتحالفات لا تجلب للبلاد إلا المزيد من التدهور، بينما يبدو أن العراق يتجه نحو المزيد من الصراعات والخلافات أبعد ما تكون فيه صور الديمقراطية التي هي الشعرة الهشة أو الطريق الضيق تماماً بين
الفوضى".
وأشار سلمان إلى أن "الحل يكمن بتعديل كامل للدستور والانتقال للنظام الرئاسي-البرلماني، حيث نضمن التعددية بمجلس نيابي منتخب ورئاسة تنتخب كذلك لها سلطتها وكيانها لنضمن رأي الشعب بحاكمه ضمن المنظومة الانتخابية، ويبدو أن هذا الحل بعيد مع زيادة الصراعات والتخندقات وكثرة القيادات وتعدد الأحزاب التي أصبحت بعدد الدكاكين في سوق مزدحمة للأسف، وجميع تلك الأحزاب تعلن في الظاهر أنها تريد تقديم الخدمات والحياة المرفهة للعراقيين ولكن لا يهمها في الواقع إلا مصلحتها وما يمكن أن تحصل عليه ضمن هذه المنظومة التي تزداد يومياً هشاشة وتفككاً".
بدوره، قال الناشط والخبير في مجال مكافحة الفساد سعيد ياسين موسى في حديث لـ"الصباح": "لقد تنفس الشعب الصعداء بعد إسقاط النظام الدكتاتوري المجرم مع ما رافق ذلك من تعقيدات بوجود الاحتلال، وقد ورث النظام الجديد كماً هائلاً من المشكلات المتراكمة منها الفساد، ولقد فشل هذا النظام بكل هيكلياته السياسية ومنظومته بإدارة الحكم في استيعاب الوضع العراقي وتحليله وتبني رؤى وسياسات عامة في إدارة العراق والنهوض به والترسيخ لدولة المواطنة وإعادة الشعور بالملكية
العامة".
وأضاف أن "تمتع البلاد بموارد مالية كبيرة يتطلب إعادة توزيعها بعدالة لتكون مكسباً مباشراً للشعب، كما أن الفشل رافق تبني مبادئ العدالة الانتقالية دون مراجعة كما تم تسييسها، ما أفقد النظام العدالة".
ويحصي موسى عدداً من فقرات الفشل التي رافقت نظام مابعد 2003، منها "الفشل في التكليف لمواقع الدولة العليا وفق معيار الكفاءة والنزاهة والخبرة، واعتماد المحاصصة الطائفية دون المعايير المذكورة، كما كان هناك فشل في تشريع وإلغاء وتعديل القوانين التي أصدرها النظام الدكتاتوري لتلائم النظام السياسي الديمقراطي".
وأشار إلى أن "من أسباب الفشل في العراق إهمال وتراجع التربية والتعليم صعوداً إلى الجانب الاقتصادي واعتماد النظام الريعي ما حول البلاد إلى الاستهلاك، ودعم اقتصاديات دول على حساب الصناعة والزراعة العراقية مما أنتج جيشاً من البطالة، وهنا ارتفعت المخاطر غير السلمية واستغلال الشباب والتحول للعنف والجريمة المنظمة".
وأوضح أن "هيمنة الفساد أنتجت إفساد الذوق العام وانهيار المنظومة القيمية"، واستدرك: "مع ذلك فأنها فترة انتقالية مشوهة ولو طالت زمنياً، أرى أن المستقبل أفضل بكثير مما مضى".
ورأى أن "هناك حاجة إلى إعادة بناء نظام سياسي وفق رؤية جديدة يكون المواطن هو المحور الأساس فيها"، مراهناً على "الشباب العراقي كمورد بشري لا يستهان به".
ولفت إلى أن "الشعب العراقي ذكي وذو همة عالية ويمتلك مقومات الحياة من حيث الجغرافيا والثروة والعمل التاريخي العظيم ويستطيع تخطي الصعاب"، منبهاً بأن "السماء رسمت للعراق دوراً خاصاً في صناعة مستقبل البشرية".