التغيير

العراق 2022/04/09
...

د. علاء هادي الحطاب
تسعى الشعوب المضطهدة من قبل أنظمتها السياسية دوماً إلى التغيير، ولتغيير النظم أشكال عدة منها ما يتم من خلال المنظومة العسكرية، ومنها ما يتم من خلال حراك جماهيري كبير يهدف لإسقاط النظام ولا يتوقف إلا بإسقاطه، ومنها أن النظام يبدأ بتغيير نفسه بنفسه من خلال جملة إصلاحات، ومنها التغيير الذي يأتي من الخارج من خلال احتلال عسكري وهو ما حصل في بلادنا، وبقي السؤال الذي لم يستطع النظام السياسي لما بعد سقوط نظام البعث الإجابة عليه، وهو .. هل هذا التغيير الذي ننشده؟
نعم إسقاط الدكتاتورية وإنهاء سلطة الحزب الواحد والحزب القائد وإطلاق الحريات السياسية والاجتماعية والفكرية والدينية أبرز ملامح ذلك التغيير، تحسن الوضع المعيشي قياساً بثلاثة عشر عاماً سبقت سقوط نظام البعث، وغيرها من مصاديق التغيير التي شهدها المواطن العراقي ولا يمكن إنكارها رغم جملة الملاحظات الكبيرة على أداء القائمين على هذا النظام السياسي، لكن يتكرر السؤال… هل هذا فقط ما كنا نبحث عنه وقدمنا من أجل ذلك العديد من التضحيات وأشكالها؟
حتماً الجواب أن طموح التغيير لدى العراقيين كان واسعاً لا تعده حدود، يبدأ ذلك الطموح باقتناء جهاز الستلايت ولا ينتهي بالسفر إلى كل بلدان العالم بعد أن يعيش حالة كبيرة من الرفاهية وهذا الطموح الواسع متأتٍ من أمرين، أولهما حجم التضييق والاضطهاد الذي مورس ضده، وثانيهما معرفة بثراء بلده وما يملكه من موارد كبيرة تنافس دول الخليج أو تفوقها تنوعاً وحجماً.
المواطن كان ينشد تغييراً في السلوك السياسي يلائم التغيير في منظومة القوانين والتشريعات.
المواطن كان ينشد تطوراً وتقدماً في منظومة الأداء السياسي التي من شأنها أن تمنحه مساحة واسعة وحقيقية لاختيار من يمثله في تلك المنظومة، كان ينشد دستوراً خالياً من الألغام والعقد والأزمات، تغييراً يجده المواطن في مطارات الدول التي يزورها عربية كانت أم أوروبية، تغييراً يجده في نظام صحي يليق بثروة بلده المادية والمعرفية، لا يضطر معه الى أن يسافر إلى دول الجوار لإنقاذ نفسه أو محبيه، تغييراً في مستوى التعليم وتكامله الأمر الذي ينهي الأمية في البلاد لا تغييراً يزيدها، تغييراً في منظومة الثقافة والفكر، تغييراً يحافظ على القيم النبيلة في المجتمع ويحارب الآفات التي تواجهه.
نعم لا أتحدث عن متخيل لمدينة فاضلة نظّر لها افلاطون، بل لمدن مجاورة كدول الخليج أو بعض الجوار كإيران وتركيا، تملك أقل مما نملك في الثروات والعقول والخبرات، فضلاً عن التأريخ والحضارة وغيرها.
فهل كان التغيير الذي حصل هو ما كنا ننشده كله أم جزءاً من ذلك؟.