علي حسن الفواز
الانتخابات الفرنسية على الأبواب، والسباق إلى الأليزيه محموماً، والرهانات على السلطة تدفع المتنافسين إلى توظيف أزمات العالم، وحسابات الحقل الأوروبي دون البيدر.
التقدم في استطلاعات الرأي والتراجع لايعنيان قياساً وتمهيداً للفوز بالانتخابات الرئاسية، وأفضليةً لهذا المرشح على غيره، لأن السلطة في فرنسا، وهي دولة كبرى، محكومة بعوامل معقدة، وبملفات أكثر تعقيداً، وبتحالفات لها مصالحها وتوجهاتها وستراتيجياتها، لا سيما أن الوضع في الحرب الأوكرانية، بات يشكل ضغطاً في التعاطي مع ملف الرئاسة، ومع التوظيف الدعائي لها، وفي التنسيق مع الولايات المتحدة، والتي لا يمكن فصلها عن معطيات النتائج، إذ ستدفع بالضغط حتماً، لكي تحمي المصالح الغربية في الحقل الأطلسي.
تقدم ماري لوبان مرشحة حزب التجمع اليميني المتطرف لايعني تمهيداً لخسارة الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون- المتقدم في الاستطلاعات- لكنها تعكس مزاجاً شعبوياً، وضغطاً على السياسة الفرنسية، وربما تعبيراً عن توجهات عنصرية جديدة، ستدفع إلى تهديد السلم المجتمعي في فرنسا، وهو مالا تريده القوى اليسارية والديمقراطية، ولا حتى حزب "حركة الجمهورية إلى الأمام" ومرشحه الرئيس الفرنسي الحالي، إذ ستكون المفاجأة خرقاً للمألوف السياسي، ودخول المجتمع الفرنسي في دوامة من العنف السياسي والجماعوي.
فوز الرئيس المنتهية ولايته ماكرون، يمكن أن يكون خياراً واقعياً، لضبط إيقاعات الجبهات الداخلية والخارجية، رغم مشكلات الواقع الفرنسي الاقتصادية والأمنية والسياسية، لأن هذا الاحتمال سيجعل من حلفاء الأزمة أكثر اطمئناناً لمواصلة سياسات الضغط والعقوبات، مع معرفتهم بأن الرئيس ماكرون لديه تحفظات على تلك العقوبات، بسبب تأثيرها الاقتصادي في المجتمع الفرنسي، والتي تجعله أكثر ميلاً إلى المعالجة السياسية، وفتح الحوار مع روسيا حول القضية الأوكرانية، لا سيما أن المرشحين الآخرين يحملون شعارات داخلية، أكثر من اهتمامهم بالموضوع الأوكراني، فضلاً عن أن توجهاتهم ذات نزعات متطرفة وعنصرية، ولها توجهات معروفة إزاء أزمات الهويات الهجينة والجماعات الإسلامية والإفريقية، وهذا مايعني إشغال الشارع الفرنسي بصراعات لا تخص الولايات المتحدة ولا حلفاء الأطلسي.