الكارت الأسود

قضايا عربية ودولية 2022/04/14
...

علي حسن الفواز
تتسع لعبةُ الحرب لتبدو وكأنها خيارٌ "لا رجعة فيه" لسحقِ الآخر، ولقطع الطريق على أيِّ خياراتٍ أخرى، لكن ذلك لن يكون سهلاً، ومتاحاً، فالآخر لديه لعبته أيضاً في سرائر الحرب، وفي أن يجعل منها شبيهةً بمباريات كرة القدم، حيث لا تعني "الكروت" الصفر و"الكروت" الحمر خلخلة الخطط الدفاعية والهجومية، فهناك "الكارت الأسود" وهو خيارٌ غامض، يمكنه قلب موازين اللعبة، وتحويل صلاحية الحكم إلى ما يشبه صلاحية العاقل في مستشفى المجانين.
بيان من الاتحاد الأوروبي يتهم روسيا بـ"تجويع العالم" وأنَّ الحرب في أوكرانيا باتت جنوناً، أكثر خطراً من جائحة كورونا، عندئذ سيكون البحث عن وقايةٍ من الجوع عملية صعبة، ومحفوفة بأخطار قد تدفع إلى التلويح بـ"الكارت الأسود" الذي يحمل "مجازاً" طرد الفريقين من الملعب..
الغرب الأطلسي وروسيا وحتى أوكرانيا تغامر بحرب مفتوحة، وبجوعٍ مفتوح، وعندئذ سيتحول البحث عن براءة في هذه الحرب إلى نوع من الكوميديا السوداء، حيث لا ينفع فيها الاعتذار عن سوء استخدام  "الكارت الأسود" ولا عن سوء توزيع "العدالة المُسلحة" التي لا تنفصل عن التاريخ الأمبريالي، ولا عن ذاكرة الشعوب "المسكينة" التي أجبرت على شراء الأسلحة أكثر من شرائها 
القمح..
الغريب في الأمر هو الإصرار على حكاية الجنون، وعلى أن تكون الحرب جوعاً، وهذا الأمر سيرسم أفقاً لـ"نهاية الكبار" الذين أيقنوا أنَّ حروبهم السريالية لن تنفع، وأنَّ سياساتهم في الطمأنة الخادعة باتت مكشوفة، فالتهديد بالجوع، والبرد، والتهجير والأسلحة سيجعل العالم أقلَّ سلاماً، وسيجعل من مؤسسات "المجتمع الدولي" و"مجلس الأمن" و"الأمم المتحدة" الأقرب إلى سرديات الجمهور المطرود من "ملعبه" و"ملعب الخصم" وأنَّ الحكم  سيكون هو السارد الوحيد الذي سيضطر لاستخدام "الكارت الأسود" بعد أن استخدم كلَّ الكروت الملونة التي يملكها، والتي لم تنفع في مواجهة اللعب الخشن والاعتداء الذي قام به "مدربا" الفريقين على الحكم وعلى بدلاء "دكتي الاحتياط"