جوع

العراق 2022/04/28
...

أحمد عبد الحسين
قبل سنتين نُشرتْ تقارير اقتصادية مفادها  بأن دولاً كثيرة في العالم، في الشرق الأوسط خصوصاً، لن تستطيع بعد عشر سنوات أن توفّر لشعوبها الطعام، سمّى التقرير من بين هذه الدول مصر ولبنان، ولم يكن العراق لحسن الحظّ من بينها.
أزمة الغذاء العالمية جدّية، ولا يحتاج أحدٌ إلى منجّمٍ لاستشراف آثارها التي ستكون فوضى واضطرابات وسقوط أنظمة وحروباً، لأنّ الجوع باعث على انهيار كلّ الحواجز القانونية والعرفية وحتى الدينية والأخلاقية، وكم هو صادقٌ قول أبي ذر الغفاريّ “عجبتُ لمنْ لا يجد قوتَ يومه كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه».
الحرب الروسيّة على أوكرانيا وقبلها تداعيات الفايروس العالميّ لم يكونا سببين للأزمة بقدر ما كانا كاشفين عنها، وارتفاع الأسعار في المواد الغذائية الأساسية لم تسلم منه دولة، وهو يتزايد اضطراداً مع استمرار أزمتي أوكرانيا وكورونا.
في تقريرنا الرئيس على الصفحة الأولى من عدد هذا اليوم  أن العراق سيستورد لما بقي من هذه السنة ثلاثة ملايين طنّ من الأغذية، أي بزيادة مليون طنّ عما استورده السنة الماضية. وهذا مؤشر خطير يكشف عن عدم قدرة الحكومات المتعاقبة على الوفاء بعهودها المتكررة حول إيصال العراق إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي في غذائه.
الأزمة العالمية التي سيكون للعراق فيها حصته، توجب على الساسة جميعاً التنبّه لما قد تحمله من مخاطر، وأن يكونوا أهلاً لتحمّل مسؤوليتهم. هناك جلسة برلمانية يُعتزم انعقادها بعد عطلة العيد مخصصة للتصويت على قانون “الدعم الطارئ للأمن الغذائي”، وكان من الواجب أن تتجاوز الكتل المتنافرة خلافاتها وأن تعقد قبل العيد لا بعده لأهميتها الفائقة.
بحسب الأمم المتحدة فإنّ الأزمة عندنا أخفّ وطأة مما ستعانيه دول كثيرة، لكنّ المؤشر العالميّ للجوع وضع العراق في المرتبة 85 وصنّفه من ضمن الدول ذات الأمن الغذائيّ المقلق، وذلك كلّه يدعونا إلى التهيؤ لأسوأ الاحتمالات، لأن الأمر إذا بلغ درجة المساس بقوت الناس فإنّ الخلافات بين الأخوة الأعداء من الساسة ستغدو ترفاً مقارنة بما سيحصل أن لم يجد المواطن قوت يومه.