حرب الغاز

قضايا عربية ودولية 2022/05/07
...

علي حسن الفواز
 
هل فشلت أوروبا فعلاً بحظر واردات الغاز الروسي؟ وهل باتت السياسة الغرب أميركية عاجزة عن معالجة ملف الطاقة؟ 
هذه الأسئلة تحولت إلى رعب جيوسياسي تواجه احتمالاته الولايات المتحدة، وطريقتها في مواجهة أزمة توسيع العقوبات على روسيا، لاسيما وأن الاجتماع الأخير لدول الاتحاد الأوروبي شهد تقاطعاتٍ كبيرة حول سياسة الحظر، والبحث عن بدائل لم يستطع أحدٌ تأمينها في المستقبل القريب..
البحث عن الغاز، وعن ممراته السهلة، صار رهاناً على "نظرية القوة" وعلى سياسات الإكراه، إذ بات الأمرُ واضحاً في توجهات الولايات المتحدة، وضغوطاتها على عدد من الدول في أفريقيا، وفي آسيا، فالدعوة إلى تأمين إمدادات عن طريق مدّ أنبوب للغاز النيجيري عبر دول الساحل الأفريقي، يواجه مشكلات سياسية، ولوجستية وفنية، كما أن الضغط على الجزائر بات مكشوفاً، فوزير الخارجية الأميركي انتوني بيلكن يقوم بزيارات متعددة للعاصمة الجزائرية، بحثاً عن تعاون يسهم في ضخ الغاز إلى أوروبا، عبر انبوبٍ يمر بالأرض المغربية، وعلى نحوٍ يدعم الحظر، وسياسة عزل روسيا، وقطع شرايينها الاقتصادية، لكن هذا الإجراء يصطدم بسياسة الجزائر، وعلاقتها التاريخية مع روسيا، فضلاً عن أن الأجواء السياسية المغربية الجزائرية غير مناسبة للتنسيق في هذا المجال.
الضغط الأميركي على الجزائر تحول إلى مايشبه التهديد، إذ بات الهوس السياسي، قريناً بمواجهة تداعيات التخلي عن واردات الطاقة الروسية، وتطبيقها، لقطع الطريق على واقع دولي جديد متعدد الأقطاب، لا تسمح به الولايات المتحدة، وتعمل على أن يكون سلاحها حاداً في إيقاف الطموحات الروسية المتصاعدة، وعبر البحث عن ممرات أخرى لتوريد الطاقة إلى أوروبا، وهذا ما يجعل الخطاب الأميركي أشدّ عنفاً، وتلويحاً بإجراءات سياسية وأمنية واقتصادية. 
التحفظ الجزائري، بات واضحاً، ومن منطلق علاقات تاريخية مع روسيا، أو خشية التورط في صراع "كوني" قد يدخل المنطقة في حروب وصراعات لانهاية لها، وستكون الشعوب هي المتضررة جرّاء هذا التغويل الأميركي لسياسات السيطرة والعزل وفرض الإرادات.