التسوّلُ.. الظاهرة المعضلة

آراء 2022/05/09
...

 عباس الصباغ 
 
هنالك عدة عوامل تلعب في تفشّي هذه الظاهرة في العراق ، كالعامل الاقتصادي وما يتعلّق بالفقر والمستوى المعيشي، اللذين لهما الدور الأكبر في ذلك، والعامل الاجتماعي ايضا ـ كالطلاق والخلافات الأسريةـ  والذي يكون نتيجة الخلافات والمشاحنات التي تعصف بالأسرة، تضاف إلى ذلك الأمراض المزمنة التي تصيب بعض الناس ممّا يضطرّهم إلى أن يمدواّ يدهم طلبا للمساعدة.
بعد مواقع التواصل الاجتماعي والخلافات الزوجية والاختلافات العشائرية والسلاح المنفلت والواقع السيا/ اقتصادي الهشّ وتذبذب المستوى المعيشي وقلّة توّفر فرص العمل، يأتي التسوّل ليفرض نفسه على واقع الأسرة العراقية من حيث التفكّك والتشرذم ، وإن كانت ظاهرة التسوّل هي ظاهرة عالمية، إلاّ أنّ العراق بدا مختلفا بعض الشيء عن غيره من الدول فهو يتميّز عن أقرانه من دول المنطقة التي يبدو أنّها أكثر تقدّما معاشيا، بينما بقي الشعب العراقي يرزح تحت هامش الفقر والعوز غير المسموح بهما، سيميائيا أن أكثر المتسوّلين هم ذوو ملامح منهكة وعاهات متجدّدة ونساء يحملن أطفالا وتلاميذ تسّربوا من المدارس وفتيات بعمر الزهور لا مأوى لهن، تشاطرهم جنسيات وافدة المهنة ذاتها التي تدار من قبل «مافيات» وجهات غير شرعية وراء الكواليس قد تسبّب في اعمال لا اخلاقية وغير قانونية تكون طارئة على المجتمع 
ككل. 
لمعالجة هذه الظاهرة يتمّ بشكل أساس من خلال حلّ موضوع الفقر ورفع المستوى المعيشي للمواطنين وتوزيع الثروات بشكل عادل بينهم مع تنظيم مستوى الرواتب وتقليل الفجوات الكبيرة بينها ، إضافة إلى تشجيع الأفراد على العمل والكسب مع تهيئة فرص عمل مناسبة وكريمة، بدلاً من التفكير باللجوء إلى التسوّل كحلٍّ لمشكلة الفقر المدقع والحاجة المذلةّ، والتكفُّل بالأيتام ورعايتهم، وسنّ القوانين التي تُعاقب مَن يقومون بالتسوّل، وتُلاحق شبكاته المُنظّمة، وتجّاره الذين يختفون وراء الكواليس المشبوهة. 
 ومن الآثار السلبية للتسوّل على الأسرة العراقية بشكل خاص انخفاض إنتاجية الكثير من أفراد المجتمع (وهي قليلة بالأساس) من الذين يمتهنون التسوّل؛ لأنّهم يصبحون غير قادرين على العمل أو تحمّل المسؤولية مع مرور الوقت. 
وظاهرة التسوّل لا تخصّ الدولة وحدها وسلطاتها فقط بل تشمل جميع الفعاليات الاجتماعية والمجتمعية والأسرية وحتى العشائرية أيضا ويجب أن تتضافر جميع الجهود شعبا وحكومة وافرادا وعشائر ومنظمات المجتمع المدني في مكافحة هذه الظاهرة السلبية على مجمل شرائح المجتمع وتنويع موارد الاقتصاد وتحسين المصادر المالية للمعيشة، مع توفير فرص عمل كافية ولائقة لجميع المواطنين وفتح المجال للتأمين الصحي لهم ودعم الدخل القومي للفرد واستمرار الارشاد والتوعية بتجنّب هذه الظاهرة السلبية وغير الحضارية، التي لا تليق بسمعة الأسرة العراقية الكريمة التي هي نواة الشعب العراقي العظيم.