نوزاد حسن
على غرار قصيدة محمود درويش الشهيرة «ليس للكردي الا الريح» أردت أن أقدم عنوانا قريبا بعض الشيء من روح ذلك العنوان الشعري، لا سيما ان الريح التي كانت تعصف بالكردي أصبحت اليوم عواصف من غبار تلف مدننا، وتضعنا في مواجهة مصير لا يمكن الاستهانة به.
التقارير تقول ذلك، لسنا أمام نبوءة مجانية الهدف منها كسب المال، وانما نحن أمام واقع جديد سيعرض وجودنا للخطر، إننا مقبلون على جفاف، وتغير مناخي سيؤثر في أمننا الغذائي.
إن رسائل الطبيعة واضحة لنا وللسياسيين على وجه الخصوص، موجات الغبار ستتواصل، ومع مرور سنوات قليلة سيكون الهواء غبار صرف طوال العام.
في الأسابيع الماضية تكررت مشاهد العواصف الترابية بكل بشاعتها، وجرى حديث عن تصحر مخيف لا بد من معالجته، إن الأرض الصلعاء كما أحب أن أصف الأرض الخالية من الشجر هي أرض عدائية لشعبها، وكل ما قيل هو حاجتنا إلى زراعة ثلاثة مليارات شجرة.
أحيانا أفكر أن المسؤول الحقيقي في حاجة إلى احساس مواطن عادي يستطيع أن يفهم رسالة الطبيعة بلا تعقيد، واكثر من يشعرون بخطورة هذه العواصف الترابية هم أسر من يعانون من امراض مزمنة أو من مشكلات في الجهاز التنفسي، بالنسبة لخمسة آلاف حالة اختناق حسب احصائية لوزارة الصحة فإن ما أشارت إليه التقارير الدولية يكون قد حصل فعلا، وإن هذه المعاناة ستكون حالة عامة في غضون اعوام قليلة. هؤلاء المختنقون يعيشون في مستقبل سنصل اليه، وإذا وصلنا إلى هناك فلن يستطيع أحد الرجوع، ولن تكون كل خلافات السياسة الا هدرا للوقت ولمصلحة المواطن، افضل السياسيين في نظري هو ذلك السياسي الذي يخشى المستقبل، ويعمل من أجل تغييره، ويختنق من عاصفة ترابية لم تهب بعد، هذا النوع من الرجال نادر جدا، وان لم يدعوه يعمل بما يعرف فخياره واحد: الاستقالة، اما أفشل السياسيين فهو من يظن أن رسالة الطبيعة لا قيمة لها، وأن عاصفة الغبار حدث عابر لا يستحق أية وقفة، حين يمرض الجسد يرسل رسالته من خلال ألم ما في منطقة محددة منه، الحل هو العلاج، وحين تسخر السياسة من الطبيعة وقوانينها ترسل لنا رسالتها القاسية:هواء مغبر يختلط بطعامنا
وتنفسنا.