من الذي يحكم العراق؟

آراء 2022/05/11
...

 عبدالستار رمضان 
 
الأصل أن يقود الدستور والقانون السياسة ويرسم طريق الحلول المطلوبة لكل موضوع، ويلتزم السياسيون بالتطبيق الكامل لأحكامهما لأنهم أساساً هم الذين وضعوا الدستور وشرعوا القوانين، لكن الأمر في العراق يختلف حيث إن السياسة هي التي تقود الدستور، وهي التي تطبق ما تراه من احكامه وبما يتوافق مع مصالحها. 
لذلك فإن تقديم رؤية قانونية للواقع والوضع الحالي في العراق لا بدَّ أن يتأثر بالواقع السياسي وبما تُبينه قوة هذا الطرف او ذاك وما يمتلكه من وسائل القوة والتأثير، بحيث ينسحب ويتراجع الدستور والقانون ويقف منتظراً اتفاق وتوافق الساسة قبل انفاذ المواد والأحكام. 
عليه فإن التوصيف الصحيح للوضع الموجود في العراق هو جمود سياسي وعجز الطبقة السياسية عن ايجاد الحل وسلوك الطرق القانونية والدستورية للوصول اليه، لأن العناد السياسي لبعض السياسيين أو أغلبهم والسعي وراء المكاسب هو ما أوصل العراق الى ما هو عليه، فنحن لسنا في فراغ دستوري أو قانوني لأن التعريف او التوصيف القانوني لهذين المصطلحين يفترضان أن القانون والدستور غير موجود او عاجز في تقديم الحل لحالات قد ظهرت ولا يستطيع معالجتها.  
إن القاضي سواء في القضاء (العادي او الدستوري او الاداري)، عندما تُعرض عليه دعوى او واقعة يجب أن يطبق الدستور والقانون ولا يستطيع أن يمتنع عن إصدار الحكم بحجة أنه لا يوجد نص قانوني، لأنه يكون مقترفاً لجريمة عدم احقاق الحق، حسب أحكام قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل في المادة(29) (تسري ولاية المحاكم المدنية على جميع الأشخاص الطبيعية والمعنوية بما في ذلك الحكومة، وتختص بالفصل في جميع المنازعات، الا ما استثنى بنص خاص) والمادة(30 ) (لا يجوز لأية محكمة أن تمتنع عن الحكم بحجة غموض القانون أو فقدان النص او نقصه وإلا عدّ القاضي ممتنعا عن احقاق الحق، ويعد أيضا التأخر غير المشروع عن إصدار الحكم امتناعا عن احقاق الحق).  
عليه فالواقع الموجود هو جمود وعجز سياسي للطبقة السياسية منذ عام 2003 حتى يومنا هذا، والذي أوجد لدينا حكومة تصريف أعمال يومية بصلاحيات تنفيذية محدودة لكنها بالواقع حكومة كاملة!،  ومجلس نواب بصلاحيات كاملة لكنها مُعطله! ورئيس جمهورية منتهية ولايته لكنها مُمدة!. 
إنَّ الواقع في العراق لا ينطبق عليه أي دستور او قانون لأنه ببساطة (الدولة القانونية تتطلب أن يكون كل شيء يسير فيها حسب الدستور والقانون، لكن الواقع في العراق يبين أنه أبعد ما يكون عن أي دستور وقانون).