العراق الملغوم

العراق 2022/05/15
...

أحمد عبد الحسين
 
الألغامُ التي تركها التنظيم الإرهابيّ في الموصل والمناطق التي كان يسيطر عليها، تُضاف إليها الألغام التي زرعها صدام في حربه التي أعقبت احتلاله الكويت، تجتمع مع الألغام التي لم تزل منذ الحرب مع إيران، لتجعل العراق من أكثر الدول الملغومة في العالم.
نحن مستودع ألغام، والضحايا بالآلاف أغلبهم أطفال يحركهم الفضول الطبيعي عند الصغار لمعرفة إنْ كانتْ هذه الأجسام الغريبة تصلح للعب أم لا. 
في تصريح لموظف أممي لـ(لصباح) أن العراق إذا باشر بحملة لإزالة هذه المواد المميتة فسيظلّ مع ذلك ملغوماً حتى سنة 2028. ومع أنه أشاد بتعاون "منقطع النظير" من قبل دائرة شؤون الألغام في وزارة البيئة، إلا أنه نبّه إلى المساعدة الدولية المتعلقة بإزالة الألغام "المساعدة المالية خصوصاً" انقطعت عن العراق، لسببين: الأول أن العراق غنيّ ويمكنه تمويل حملات من هذا النوع، والثاني يتعلق بانشغال العالم الآن بحروبٍ جديدة "تبدو أهمّ" كحرب أوكرانيا.
المفارقة أن سمعة العراق باعتباره بلداً نفطياً غنياً ستؤثر في حملة إزالة أو تقليل الألغام، والمفارقة الأبشع أنّ العراق الغنيّ استطاع أن يموّل حملة تلغيم العراق ونحن بحاجة إلى عراق غنيّ لحصد ما زرعه الديكتاتور والإرهاب.
ويبدو أن ألغام صدام أهون من ألغام الإرهابيين، لأن ألغام الأول ذات منشأ عالميّ "معتبر" تم شراؤها بمبالغ طائلة ولذا يسهل التعامل معها بالأجهزة المتاحة، أما ألغام التنظيم الإرهابيّ فهي يدوية الصنع غالباً وبأنواع غير معروفة للخبراء.
لم يبق من مشروع صدام كما لم يبق من دولة الخرافة سوى هذا الإرث: ألغام على امتداد خارطة العراق، ولم يبق من أموال العراق سوى هذه الفخاخ التي تحتاج إلى ميزانية جديدة لإزالتها.
ثقافة القتل والقتال وتمجيد الحروب أمس واليوم وغداً هي أسوأ ما يمكن أن يتركه الآباء للأبناء. وفي الحقيقة فإن اللغم الذي تظنّ أنك تزرعه لعدوّك سيكون إرثك الوحيد لأبنائك.