حارث رسمي الهيتي
انتهت قبل أيام المهلة التي كان السيد مقتدى الصدر قد أعطاها للمستقلين يوم دعاهم إلى أخذ زمام المبادرة بتشكيل الحكومة وستكون الكتلة الصدرية داعمةً لهذا التوجه، قبلها كانت الدعوة موجهة إلى الاطار التنسيقي للغرض، ولا يهمني هنا حقيقةً إن شكّلت الكتلة الصدرية وحلفاؤها الحكومة أو نجح الإطار في ذلك، فأغلب الظن سوف لا تتشكل الحكومة المرتقبة من دون مشاركة كل الحلفاء التقليديين، ما أعنيه هنا أن لا حكومة يشكلها أحد منهم دون الآخر.
ما أود التركيز عليه هنا هو المستقلون، واذ لا أفهم دعوة السيد الصدر لهم إلا من باب إلقاء الحجة على الجميع لا أكثر لمعرفته باستحالة أن تتحقق مثل هذه الدعوة، إلا أن اشياءً مهمة يجب ألا تغادر منطقة التفكير، وبعيداً عن غياب فكرة أن يُستبعد «صقور العملية السياسية» عن الحكومة أي حكومة رغم تصريحاتهم وبترحيب عال بالذهاب إلى المعارضة، فإن مشكلة رئيسة لم تتخلص منها «كتلة» المستقلين هذه.
ما يصطلح عليهم بالمستقلين – والحديث هنا عن أغلبهم- لم يشكّلوا إلى الآن كتلةً واحدة تتفق على رؤية معينة بشأن المشاركة في الحكومة أو الذهاب إلى المعارضة، وهذا ما كشفته تصريحات البعض منهم وهم يتعاملون مع دعوة السيد الصدر، فمنهم من رحب وأبدى استعداده لهذه المهمة (المستحيلة)، ومنهم من عبر عن قبوله ولكنه يبحث عن ضمانات وتطمينات، والآخر أبدى امتناعه عن قبول الدعوة، معللاً بأن دورهم بعد أن وصلوا إلى البرلمان هو الجلوس في خانة المعارضة. يضاف لهذا ان صفة المستقل لا تنطبق على كثير ممن يحملونها، فكثير من الأحزاب والكتل السياسية كانت قد دفعت ببعض مرشحيها إلى النزول بقوائم ثانية أو منفردين تحت هذه الصفة، وهؤلاء سيعبرون عن رؤية وتصورات أحزابهم وكتلهم بالمحصلة النهائية.
وأكثر ما يغيب عن بال هؤلاء «الصقور» أن لا عداء لنا مع المنتمين، ونعلم جيداً أن الديمقراطية تعمل من خلال وبواسطة الاحزاب وهذا ليس عيباً على الشخص/ النائب أن يكون منتمياً بالمرة. وأؤمن بأن نظامنا السياسي لم يفشل بسبب الحزبيين بقدر ما أفشله الجشع، والفساد، وغياب العدالة الاجتماعية. لا أحد في العالم «الديمقراطي» يناقش أو يشترط على هذا الوزير أو ذاك ألا يكون منتمياً ويحمل رأياً سياسياً معيناً، ولكنه يشترط وبقوة أن يضع برنامجاً من شأنه أن يحقق للناس مطالبها ويضمن لهم الحياة الكريمة، وفي الوقت ذاته أن يكون تحت عين القانون وحكمه، وأن لا يُستقبل بالصلوات والهوسات وهو الفاشل في محاولة لوضعه في خانة
المقدس.