د.نازك بدير
أفرزت الانتخابات التشريعيّة التي حصلت في 15-5-2022 تضاعُف شدّ العصب المسيحي والشّيعي والدّرزي، وذلك نتيجة القانون الطّائفي الذي يعزّز الولاء للطّائفة، والزّعيم، ويفتّت الوطن إلى كانتونات، ويشرذمه إلى محميّات سياسيّة، بعيدًا من مفهوم الدّولة المدنيّة.
ثمّة عدّة عناوين تصدّرت مشهد الانتخابات، يمكن إيجازها بما يلي:- إخفاق سمير جعجع في انتزاع الأكثريّة النيابيّة من خصمه جبران باسيل - خسارة القوات أحد مقعديها في بشري (عقر دارها) وهي سابفة لم تحصل من قبل- الخرق الذي حقّقته لوائح التّغيير، لا سيّما انتزاع مقعدين: الأرثوذوكسي، والدّرزي في دائرة الجنوب الثّالثة( معقل حزب الله) قد يكون الجمهور غير الشّيعي (مرجعيون حاصبيا) هو الذي أحدث الفرق- هزيمة حليفهم وئام وهّاب في دائرة جبل لبنان الرّابعة، على الرّغم من نيله أكثر من 10 آلاف صوت- وصول طوني حبشي في دائرة بعلبك الهرمل- فضلًا عن المقاطعة في الشّارع السّنيّ. على مستوى آخر، حقّق حزب الله، كحاصل أصوات، النّسبة الأعلى بين الأحزاب المتنافسة، بمجموع بلغ 365000 صوت، أي بزيادة 22000 صوت عن الانتخابات الماضية، على الرّغم من تراجع نسبة الاقتراع من 49% في سنة 2018 إلى 41 % في هذا العام. تجدر الإشارة إلى أهميّة عدد الأصوات، لا عدد المقاعد فحسب، فالأرقام الدّسمة التي حقّقها بعض المرشحين- وإن لم يتمكّنوا من الفوز- تدعو إلى أخْذها بعين الاعتبار، والبناء عليها في الدّورة المقبلة من الانتخابات.(كما حصل مع المرشّح جاد غصن- دائرة المتن الشّمالي-لائحة نحو الدّولة).
نجحت أحزاب السّلطة مرة جديدة في حصْد المقاعد التي تخوّلها التّحكّم في تمرير القوانين الطّائفيّة، وتاليًا، الاستمرار في نظام المحاصصة. هم أنفسهم بأقنعتهم ذاتها، لم يكلّفوا أنفسهم عناء تبديلها. واجهوا جماهيرهم بها، وهؤلاء اقترعوا تكرمةً لشعارات غصّت بها شوارع وساحات لم تلبث أن انطفأت.
لكن، استطاعت قوى التّغيير أن تؤسّس للغد من خلال الخروقات التي حقّقتها في دوائر متعدّدة. ويمكن القول، إنّها صارت قوّة سياسيّة داخل المؤسّسة التّشريعيّة، فهل ستحاسب الفاسدين، وتعيد أموال الناس المنهوبة، وتضع يد الدّولة على الأملاك البحريّة، وتؤمّن الكهرباء وتثبّت سعر صرْف الليرة؟ أم أّنّ بعضهم ستصيبه» لوثة» الكرسي، ويدخل في غيبوبة اختياريّة لثلاثين سنة جديدة؟
كاتبة لبنانيّة