مختصون: تعنيف الطفل جريمة يعاقب عليهـا القانون
اسرة ومجتمع
2019/03/23
+A
-A
بغداد / شذى الجنابي
حذر معنيون في شؤون أمن وسلامة الأطفال، من حوادث الاعتداء الأسري على الأطفال، من قبل أحد والديهم أو غيرهما، سواء في المدرسة أو الأماكن العامة أو داخل المنازل بهدف تقويم سلوكهم، اذ يعد ذلك السلوك جريمة تستوجب المساءلة القانونية، وضرورة ملاحقة المعتدين قانونيا، مؤكدين بان تأخير التشريع القانوني الكافل بحماية كيان المجتمع من العنف الاسري يزيد عدد الضحايا بحق الاطفال والاسرة باكملها .
قال النائب احمد الكناني عضو لجنة حقوق الانسان النيابية : إن المجتمع العراقي يعاني من مشكلة العنف الاسري التي توشك بالتحول الى ظاهرة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، والحروب وتخلف وجهل المجتمع ، واضاف أن البرنامج الحكومي يتضمن مسودة هذا القانون وعند المصادقة عليه من قبل رئاسة الوزراء مع الاسف تم الغاؤه باعتباره ليس من الاولويات المهمة في البرنامج.
الخدمة الاجتماعية
فيما شددت هناء أدور ناشطة مدنية على أن القانون مقدم للمجلس منذ 2017 ولم ير النور، من دون أسباب واضحة، واقترحت بان قانون “الخدمة الاجتماعية” عقوبة لولي الامر الذي يسيء لعائلته، موضحة بأننا حصلنا على موافقة المرجعية والنائبات للتصويت عليه منذ الدورة السابقة، وقد عملت الحركات النسوية عليه منذ سنوات لكنه ما زال مغيبا في أدراج مجلس النواب، وتناشد المنظمات المدنية وكل المعنيين بشؤون الاسرة والطفل من خلال وسائل الاعلام ، الحكومة ، ومجلس النواب بالمصادقة على القرار وان تكون قضية الشهيدة “رهف” انطلاقة لهذا المشوار.
المرحلة الانطوائية
في ذات السياق ترى زهرة الجبوري رئيسة رابطة المرأة العراقية في نقابة الصحفيين العراقيين ان غياب حقوق الطفل تنذر بجيل من المجرمين ، ودعت الى ترصين المنظومة الاخلاقية للحد من الانهيار الاجتماعي، بدءا من رياض الاطفال باعتبارها حجر الاساس في بناء المجتمع، كما اعتبرت الجبوري أن هناك الكثير من الأطفال بسبب كثرة لهوهم يشكلون مصدر إزعاج لأبويهم وخاصة حينما يفتعلون الخراب في المنزل فيضطرون إلى استخدام العنف معهم وبالتالي يقعون بأخطاء فادحة معهم بدلا من تربيتهم بالشكل الصحيح، وتوجيههم وتطوير ذكائهم وتلبية حاجاتهم، ومن الآثار السلبية لضرب ابنائهم يصبح لديهم سلوك عدواني، ويسبب مشاكل نفسية لهم وقد يصل إلى المرحلة الانطوائية. وتعتقد الجبوري وجود اساليب اخرى تأديبية بدلا من التعنيف وهي مناقشة الطفل في ارتكابه السلوك الخاطئ ، واستخدام المدح وتقديم الهدايا له عند قيامه بعمل جيد، بهذه الطرق نستطيع ان ننشئ جيلا قادرا على بناء مستقبله وموهوبا ولا نحبط من عزيمته.
معايير اخرى
بينت رئيسة لجنة المرأة والاسرة في مجلس محافظة بغداد دهاء الراوي أن هناك أطفالا أجبرتهم الظروف على التوقف عن اللعب والتخلي عن طفولتهم سعياً وراء لقمة العيش او التسول في الشوارع العامة، او مارسوا أعمال الكبار وتعرضوا للعنف والضرب حتى أصبحوا عدوانيين ويعانون من الحرمان، واخذت هذه الظاهرة تشق طريقها في التوسع والانتشار، فلا نتصفح جريدة أو نفتح قناة فضائية أو موقعا إليكترونيا إلا ونقرأ اونسمع أخبار تعنيف الأطفال الأبرياء في عمر الزهور تتحمل أجسادهم الطرية الضرب بآلات حادة اوقتل متعمد واغتصاب عدد كبير منهم ،وبدورنا نطالب مجلس النواب ان يصادق على القانون وايجاد مدافعة من مجلس محافظة بغداد والمنظمات المدنية بالضغط على السلطة التنفيذية للمبادرة في اصدار قانون يمنع ويجرم العنف الجسدي ضد الأطفال في أي مكان كان أو من طرف أي كان. مضيفة أن هذا القانون هو مجرد نقطة انطلاق ، ولم يأت لوضع الآباء والأمهات في الحبس بل جاء ليخلق معايير أخرى وطرقا مختلفة للتفكير، ومنها ما يتعلق بالتربية والتعليم ، وعندما يبدأ أي من الوالدين في اعتماد الطرق الأخرى للتفكير ومن المستحيل أن يعود إلى ضرب وتعنيف الأطفال مجددا.
اتفاقية حقوق الطفل
المهندسة فاتن عبد الاله احمد رئيسة منظمة ألق الطفولة اشارت الى اتفاقية حقوق الطفل بالمادتين ( 30 و 31 ) التي وقع عليها العراق منذ عام 1994 وهي حماية الطفولة ويحظر فيها تعريض الطفل للتعذيب أو الاعتداء على سلامته البدنية، أو إتيان أي عمل ينطوي على القسوة من شأنه التأثير في توازنه العاطفي أو النفسي أو العقلي أو الأخلاقي، موضحة أن هذه المادتين تنطبق حتى على الوالدين، فلا يجوز لهما استخدام العنف البدني أو النفسي كنوع وأسلوب من أساليب التربية، ومن حق الطفل القيام بالانشطة الثقافية والرياضية وتنمية مواهبه، علما ان الاتفاقية تحتوي على 54 مادة وتشمل حقوقا عديدة لهم بغض النظر عن ديانتهم وقوميتهم .
العوائل الفقيرة
من جهته اعتبر الباحث الاجتماعي ولي جليل الخفاجي ان العنف من الثقافات الاجتماعية في البلدان القيمية ومنها العراق لان الفرد العراقي تربى على العنف منذ نشأته، ابتداء من سلطة الاب وضرب المعلم للتلاميذ وقوة وصلابة الحاكم، لذلك اعتاد العراقيون على تمشية الامور بالقوة في الاسرة والمدرسة والشارع ، وهذه الثقافات خلقت شخصية لاتعرف الحلول سوى اللجوء للعنف، ناهيك عن الظروف والصور التي حوطت الطفل والعائلة من العنف كالعمليات العسكرية والاعلام والشارع ، وقد عمل علم النفس على ازاحتها والمقصود بها تحويل الغضب الى المقابل مثلا اذا تعرض الاب الى العقوبة او ترك عمله فانه يصب جام غضبه على الزوجة والاولاد.
واكد الخفاجي ان ظاهرة التعنيف اخذت تنتشر بين العوائل الفقيرة كونها تعاني من الامية والجهل والوضع الاقتصادي المتردي وزيادة النسل في عدد الاطفال بالعائلة والتفكك الاسري، وانتشارها في بيئة لا تبالي بحقوق الانسان لذا يتعرض الابناء الصغار الى المعاملة السيئة بسبب انعدام المسؤولية والوعي المجتمعي، والبعض الاخرمن الوالدين يعاني من العقد النفسية ما تنعكس على سوء معاملتهم مع ابنائهم وتعذيبهم نتيجة مفاهيمهم الخاطئة بالتربية الصحيحة، ومن الجدير بالذكر ان مشكلة العنف الاسري قديمة لكن لم يسلط عليها الضوء بسبب عدم وجود قانون فاعل للحد من الجرائم والانتهاكات التي ترتكب بحقه والمرأة ايضا بل وحتى الرجل. ويرى ان المعنف يتجاهل عن قصد أو غير قصد مشكلة الطفل والتي قد تبدأ بالظهور بعد سنة أو سنتين وتدوم عشرات السنين، ويحتاج بعدها إلى علاج ومواكبة من الاختصاصيين، والمفروض على كل من يحاول استخدام العنف أن يعاقب بالسجن ، وأن يكون حكمه مثلا يحتذى به لكل من يحاول الإقدام على هكذا خطوة.
أساليب صحيحة
من الطرق التربوية الصحيحة التي توصل فكرة الأبوين للطفل من دون تعريضه للأذى الجسدي والنفسي اوضح الخفاجي أن على الوالدين تأنيب الطفل عند الخطأ، وعدم السماح له بالتمادي بالغلط، وزيادة تدليله بالشكل المرفوض، والاهتمام بزرع المحبة والمودة والعطف على الآخرين في نفوس الأطفال ، وعدم منعهم من اللعب واللهو والمغامرة لانها أمور ضرورية في تنمية قدراتهم والتعرف على الحياة، كما ان وجود اطفال يتميزون بموهبة معينة ما يتوجب على الأهالي الانتباه اليهم والعمل على تطويرها وتنميتها، وتوفير الأمان لهم كونهم يخافون من أي شيء مهما كان بسيطا، ويتوجب على العائلة توفير الحضن الدافئ لهم ومساعدتهم على كسرمخاوفهم.