بيروت: جبار عودة الخطاط
تتجه أنظار اللبنانيين بعد أن أكملوا الانتخابات إلى شكل الحكومة التي ستفرزها الاستشارات التي من المفترض أن يدعو إليها الرئيس اللبناني ميشيل عون في وقت لاحق.. الخريطة النيابية الحالية بخلطتها العجيبة تشي بأن هذا الاستحقاق لن يكون سهلاً وسيواجه الكثير من العقبات لعدم وجود أغلبية واضحة لأي فريق في البرلمان الجديد وربما يعمد الرئيس عون إلى عدم الدعوة إلى استشارات ما لم يتم التوصل إلى توافق مقدما على شخصية رئيس الحكومة المقبل لاسيما أن الدستور اللبناني لا يلزمه بسقف زمني محدد لإطلاق الاستشارات الملزمة.
وهذا يعني بقاء حكومة ميقاتي كحكومة تصريف أعمال ريثما يتفق الفرقاء على شخصية جامعة، ولكن ماذا عن حظوظ ميقاتي نفسه برئاسة الحكومة الجديدة، مصادر سياسية في بيروت ذكرت أمس الجمعة بأن المملكة العربية السعودية غير متحمسة لميقاتي ليقود الفريق الوزاري الجديد وهي تفكر بطرح اسم نواف سلام الذي سبق أن طرح اسمه قبل أكثر من عام وجوبه برفض حزب الله، غير أن هذا الطرح يتطلب تأمين الأغلبية النيابية التي من شأنها تمرير اسمه في الاستشارات مما يستلزم الكثير من التسويات والاتصالات بين الفرقاء بحيث يتسنى للرياض تأمين تجاوز فيتو الثنائي الشيعي على سلام، وهناك من يشير إلى مقترح إناطة مهمة رئاسة الحكومة الجديدة بشكل مؤقت بنجيب ميقاتي حتى شهر تشرين القادم حيث تنتهي ولاية الرئيس ميشيل عون.. على أية حال يبدو أمر تشكيل الحكومة في غاية التعقيد في ضوء التركيبة الملتبسة لأحجام الكتل النيابية والتي ستنعكس طبيعة تنافسها على هذا الاستحقاق الذي سيخضع أكيداً للمزيد من حالات الشد والجذب ، النّائب المنتخب غسان حاصباني يقول إن “موقف حزب القوات اللبنانية النّهائي من شكل الحكومة، مرتبط باتّضاح صورة المجلس النيابي الجديد، وتحديد الكتل الّتي يتشكّل منها، وما إذا كانت ستكون هناك أكثريّة واضحة وجبهة متماسكة، للتّوافق حول شكل الحكومة” يضيف “عندها، إمّا تكون حكومة أكثريّة حاكمة شرط أن تكون متناغمة، وإلّا فالأفضل تشكيل حكومة من المستقلّين أو خبراء وتقنيّين؛ خصوصا أنّنا نمرّ بمرحلة تتطلّب العمل مع صندوق النقد الدولي، ووضع الخطط الإنقاذيّة”، أما المتحدث باسم صندوق النقد الدولي جيري رايس فشدد بخصوص الحكومة اللبنانية الجديدة على انّه “من المهم أن تعمل الحكومة على تأمين دعم سياسي واسع النطاق، للشروع بالإصلاحات الشاملة اللازمة، لاستعادة استقرار الاقتصاد الكلي، واستدامته وملاءة القطاع المالي المالية بهدف تحقيق نمو أكثر شمولاً على المدى المتوسط” وطالب الحكومة الجديدة بـ “ضرورة اعتماد سياسات وإصلاحات حاسمة”، مشيراً إلى “التزام الصندوق بمساعدة لبنان وشعبه على تجاوز هذه الأزمة”، كما شدد على “أهمية دور شركاء لبنان الدوليين الماليين في دعم جهود السلطة وضمان تمويل البرنامج وتحقيق أهدافه”، وتابع أنّ “الانكماش الاقتصادي الدراماتيكي، والزيادة الكبيرة في معدلات الفقر والبطالة والهجرة، وهذه المشقة التي يعاني منها الشعب اللبناني هي نتيجة تراكمات سنوات عديدة من السياسات الاقتصادية غير المستدامة».
وأردف رايس قائلاً: إن “البرنامج المموّل من قبل صندوق النقد الدولي، سيخضع لإجراءات التزمت السلطات اللبنانية مسبقا بتنفيذها، وبعد ذلك سيجتمع المجلس التنفيذي لمناقشة ودراسة البرنامج”. بدوره مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق ديفيد هيل أشار في مقال حول نتائج الانتخابات “إلى أن الانتخابات اللبنانية وشكل الحكومة المفترضة يمكن أن تنتج ذلك النوع من الحكومة الناشطة اللازمة لاستعادة الثقة في الشؤون المالية للبلاد والحكم” وذكر هيل” بأنه وقت الأزمات يتطلع اللبنانيون لأصدقاء لبنان الإقليميين والدوليين للإسهام بحل الإشكالات والأزمات التي يعاني منها لبنان».