بشير خزعل
اختلفت الآراء واحتدم الجدل بين الفرقاء السياسيين وبعض المتخصصين بشأن مشروع الأنبوب، الذي سينقل نفط البصرة إلى ميناء العقبة، البعض وضع المشروع في خانة الاتهامات على أنه مشروع سياسي بحت، وآخرون قللوا من أهمية جدواه الاقتصادية، لأنه سيرهق العراق بمليارات الدولارات، في حين ذهب البعض الآخر إلى أبعد من ذلك وعلل الأمر على أنه مخطط أميركي، لمد الأردن وإسرائيل بالنفط العراقي بأقل من أسعار السوق، وبرغم أن وزير النفط قد أعلن أن المشروع ما زال قيد الدراسة ولم تتم إحالته على أي جهة منفذة، لكن ما يجري خلف الكواليس كما يعلن بعض الساسة بأن المشروع ماضٍ في طريقه للإنجاز، ولا يتعدى الأمر مسألة وقت لا أكثر.
وفي ظل هذه التناقضات والاتهامات المتبادلة، التي تربك الرأي العام حول مصداقية المشاريع التي تقوم بها الحكومة، لا بد من وجود شفافية تتيح للمواطن أن يفهم ما يجري بثروات بلاده وكيف يتم استغلالها، من واجب خبراء النفط والاقتصاد أن يشرحوا غاية بناء هذا المشروع، وماذا سيجني الاقتصاد العراقي منه، ففي الوقت الذي يرى فيه المدافعون عن المشروع أن الخط سيشكل بديلا ستراتيجيا مهما عن الموانئ العراقية، التي سيضيق الخناق عليها، إذا ما ارتبك وضع مضيق هرمز لأي سبب كان، فهو أيضاً مشروع بعيد المدى لن تظهر فوائده الاقتصادية إلا بعد انجازه بشكل كامل، وسيمنح مرونة كبيرة في تصدير النفط، إذ إن معظم النفط العراقي يصدّر عن طريق موانئ البصرة جنوب العراق من خلال الخليج العربي، وهو معرّض إلى التوقف ليس في حالة الحرب فقط، بل وبسبب الأحوال الجوية أو لأسباب جيوسياسية، وحصر تصدير النفط العراقي عبر منفذ بحري واحد سيكون رهينا بالأزمات في منطقة الخليج أو مضيق هرمز، وتنويع مصادر تصدير النفط أمر في غاية الأهمية، لكن في الطرف الآخر المعارض للمشروع يبدو الأمر مغايراً، فبحسب آراء بعض المتخصصين أن العراق لا يحوز على أي جدوى اقتصادية من مدّ الأنبوب النفطي ويعتبره مكسبا اقتصاديا للأردن، لأن كلفة تصدير البرميل عبر موانئنا النفطية لا تزيد على (10 سنتات) للبرميل، بينما يبلغ عبر الأنبوب الأردني قرابة (4,5 دولار) عن كل برميل ما يعني (450) ضعفا، وهي كلفة كبيرة، إضافة لفقدان مردودات عوائد السفن وأجور الوكالات البحرية والخدمات البحرية.
وهي أموال ستذهب للحكومة الأردنية والمستثمر الأجنبي، كما يتطلب التصدير عبر ميناء العقبة لأوروبا المرور بقناة السويس، ما يعني أنه معرض للعوامل نفسها في موانئنا على الخليج العربي، علماً أن البديل الأفضل يتمثل باعتماد ميناء جيهان التركي فكلفة التصدير عبر الأنبوب التركي تبلغ ( 1,15 دولار) فقط وميناء جيهان يقع على البحر المتوسط ويجنبنا المرور بقناة السويس ودفع أجور المرور كي نصدر نفطنا إلى أوروبا وأميركا، فأي الرأيين صالح وأيهما طالح؟، حتما أن مثل هذه المشاريع بحاجة إلى تأنٍ ورؤية ونقاش مستفيض في العلن، وأن تتم بمحض إرادة ونفعية وطنية لا يختلف عليها،
بل يتفق لها.