ملامح التشكل الوطني في انتخابات لبنان

آراء 2022/05/22
...

  هشام جمال داوود
 
 انتهت عملية العد والفرز وظهور نتائج الانتخابات اللبنانية، التي أعطت صورة رائعة للوعي اللبناني، من خلال المشاركة الفاعلة والقوية، والتي يريد من خلالها الشعب بكل مكوناته النهوض بواقعه وتجاوز أزماته الاقتصادية والسياسية، وإعادة الوجه الحقيقي للبنان.
وأجمل ما حدث في هذه الانتخابات هو عبور الطائفية نوعاً ما، فكان أمراً رائعاً لمن يطلع عليها أن يقرأ أسماء مرشحين من مكون معين ضمن قائمة يقودها مكون آخر، ولم يقتصر هذا الموضوع على التكتلات المذهبية، وإنما تجاوز الامر ليشمل التنوع الديني داخل القائمة نفسها، الأمر الذي يعكس درجة عالية من الوعي وتجاوز وعبور الطائفية التي لم تجر على البلدان غير الويلات، لذلك كان الترشيح على أساس المناطق والرقع 
الجغرافية.
فعلى سبيل المثال فإن النائب ميشال موسى وهو مسيحي فاز ضمن قائمة حركة أمل بقيادة نبيه بري، والنائب ينال الصلح وهو سني فاز عن قائمة حزب الله، والنائب محمد يحيى وهو سني فازعن قائمة التيار الوطني الحر بزعامة جبران باسيل، وآخرين 
غيرهم.
هذه النتائج إن دلت على شيء إنما تدل على أن بارقة الامل موجودة بسبب وجود الشباب اللبناني، الذي تحدى الظروف الاقتصادية الصعبة التي تشهدها لبنان منذ سنتين، ولكنهم لم يفقدوا الامل بالنهوض من جديد بواقع حال بلدهم وعدم فقدان الأمل بالتغيير، فاستمد المرشحون ثقتهم بأنفسهم من خلال ثقتهم بالناخبين.
نحن في العراق بحاجة ماسة لمثل هذا النوع من الوعي ولمثل هذه النوعية من الشباب الواعي، التي تمنح الثقة للمرشحين ان يتنقلوا بين القوائم غير مكترثين بهويتها، لان الأهم هو وضع مصلحة الوطن امام العين وليس مصالح الهويات الفرعية.
كما وأننا بحاجة لتوعية الشباب العراقي واستمرار زرع الأمل في نفوسهم وعدم السكوت او السماح لهم، بأن يفقدوا الثقة بالانتخابات في كل دورة انتخابية متى ما جاء وقتها، فالشباب هم روافد القوة نحو التغيير والتقدم والازدهار والنهوض بالواقع نحو الأفضل، وما الشباب اللبناني بنموذج بعيد علينا، وإنما هم نسخة مشابهة تماما لنسختنا على الصعيد الديموغرافي، من اجل ذلك علينا أن نغادر شواطئ التكتل والتخندق العرقي والطائفي، وما الحل الا عن طريق كسب وتوعية وتثقيف الشباب والعمل من أجلهم، كي يستوعبوا أن الانتخابات هي لغة المنافسة الشريفة من أجل خدمة الوطن وليست وسيلة للصراع من أجل مصالح ومكاسب شخصية.
لذلك على الجميع ممن يروا أن مصلحة الوطن تقتضي أن يبذلوا جهوداً ومساعي حثيثة للارتقاء بواقع الفكر العراقي، وأن يصبوا جل اهتمامهم وتركيزهم على الفئات الشبابية والعمل على خلق طبقة مثقفة من بينهم، تكون قادرة على أن تستوعب مفهوم الديمقراطية، وذلك من خلال التثقيف المستمر وتنظيم الدورات والندوات والمؤتمرات، كي نكسب قيادات شبابية ودماء جديدة تؤمن لنا مستقبل أجيالنا.