أحمد عبد الحسين
كيف يمكن أن نقرأ اعتراض رئيس مجلس النوّاب محمد الحلبوسي على إدراج اسم "إسرائيل" في البيان الختاميّ لمؤتمر الاتحاد العربيّ في القاهرة؟
داخلياً، الأمر ذو مغزى عميق ويصلح أن يكون رداً على المهاترات الإعلاميّة التي تبادلتها الجيوش الإلكترونية للغرماء السياسيين، ممن استغلّوا الانسداد الحاصل في كيل التهم لبعضهم البعض، وأوّل تلكم التهم وأخطرها التطبيع مع "إسرائيل"، فكان مشروع قرار تجريم التطبيع المتوّج بكلمة الحلبوسي الاعتراضية رسالتين مفادهما أنّ اللعب بهذه الأدوات الخطيرة ممنوع، وأنّ الأداء السياسيّ مهما بلغ من الحدّة والاستعصاء بين الأخوة يجب أن يظلّ بعيداً عن المزايدات على قضايا مصيريّة كبرى.
عربياً، يأتي الاعتراض في سياق عودة العراق إلى لعب دور مركزيّ في المنظومة العربية غاب عنه مطوّلاً فأضرّ غيابُه العربَ بقدر ما أضرّ العراقَ، ومن البديهيّ القول إنّ قضية فلسطين لم تزل هي الجرح السريّ في الجسد العربيّ وأنها القضية التي تحظى بإجماع جماهيريّ عربيّ مطبق، برغم أن ثقافة التطبيع اتسع مداها لدى أنظمة عربية في الآونة الأخيرة.
حين كان يأتي خطاب الممانعة والاعتراض على التطبيع من قبل أنظمة شموليّة، كنظام صدام والقذافي مثلاً، كان يُنظر إلى الأمر بوصفه استكمالاً لدعاية ممنهجة تتبعها تلك الأنظمة، لكنّ هذا الخطاب حين ينطلق من نظام ديموقراطيّ على لسان رئيس السلطة التشريعية في البلد، فإنه يعني الكثير، ومما يعنيه أنّ ذلك الخطاب سيحفر له مجرى مؤسساتيّ وسيكون ملزماً بقوّة القانون أولاً، وبعونٍ من التمثيل الشعبيّ الذي أوصل أناساً إلى قبة البرلمان.
كان اعتراض الحلبوسي لافتاً وأحسب أن رسائله وصلتْ، وإنْ لم تأخذ نصيبها الكافي من الاهتمام داخل العراق، فقد حظيتْ باهتمام إعلاميّ وشعبيّ عربيّ.
زبدة القول: شئنا أم أبينا، فإنّ جزءاً كبيراً من هويّة العراق العربيّ ستظلّ متعلقة بموقفنا من فلسطين. وهي هويّة لا يمكن نسيانها أو التنكّر لها تحت أيّ ظرف.