تداعيات «الدكات العشائريَّة»

آراء 2022/05/23
...

 كاظم الحسن 
اتساع النزاعات العشائرية، يشكل خرقا أمنيا واجتماعيا وتهديدا للسلم الأهلي وتجاوزا على صلاحيات الدولة وهيبتها وإنفاذها للقانون، الذي يجب أن يطبق على الجميع، دون استثناء، فضلا عن السمعة السلبية، التي سوف تلحق بالدولة على الصعيد الدولي والإقليمي، وتعطي انطباعا، عن ضعف وعجز الدولة في بسط نفوذها الشرعي، على المجتمع وهذا في حد ذاته يعد صورة مشوهة ولا تليق بدولة، لها ثقلها في المحيط العربي والإقليمي.
 
إنَّ علاج هكذا ظاهرة خطيرة ومزعزعة للأمن، لا يرتكز على تشريعات وقوانين، طالما هي حبر على ورق ولا تجد لها صدى على ارض الواقع وبالمصطلح العسكري، يسمى «مسك الأرض»، او إنفاذ القانون، وبطبيعة الحال لا بدَّ من توفر مجموعة من الاجراءات الحازمة، للردع والترهيب، للجماعات الخارجة عن القانون، على أن تكون المؤسسة الأمنية والعسكرية والاستخبارية مستقلة وبعيدة عن التجاذبات السياسية والصراعات الحزبية، وأن تعمل بمهنية وحيادية، لكي توفر الأمن والسلام والاستقرار في ربوع البلد.
الوضع الأمني الهش في العراق، الذي وفر للنزاعات العشائرية ساحة خصبة، لاستخدام السلاح المنفلت في جموع صنوفه من أسلحة خفيفة، إلى متوسطة، تباع على قارعة الطريق، من دون خوف من المحاسبة اوالمساءلة القانونية، وقد مهد للجهات الخارجة على القانون، أن تستبيح الأعراف والشرع والضوابط الاجتماعية والقانونية، إن الخطورة الاكبر في ذلك تتمثل في تعدد مراكز القوى المسلحة، مما يؤدي إلى تشظي وتفكك المجتمع، ويجعل من العراق ساحة غاب، لا يأمن المواطن على نفسه، ويعم الخوف والرعب في المجتمع، وقد يدفع الكثير من النخبة في المجالات كافة، إلى الهجرة خارج الوطن، وهو نزيف الكفاءات والأدمغة العلمية التي تمثل ذخيرة الوطن. 
وإذا أخذنا ما يسمى آثار الدكات العشائرية على مستوى الجانب الاجتماعي وما تحدثه من رعب وخوف وقلق وهلع وذعر، ليس على أهل الضحية فحسب، بل على أهالي المنطقة المستهدفة،أان تداعياتها قد تؤدي إلى الثأر المتبادل بلا نهاية، وتكون العشيرة كلها مستهدفة وليس الجاني وحده، إنها حلقة مفرغة، وكما يقول احد الحكماء «على طالب الثأر أن يحفر قبرين».
إنها عملية تدميرية لكل الأطراف، حين يكون طالب الثأر هو المدعي والقاضي والمنفذ لقرار الحكم، على أي كان من العشيرة الأخرى، تخيلوا أيَّ جنون هذا وهمجية وبربرية، تتلبس هذا المتخلف عن روح الانسانية؟ حتى في الحروب ثمة رحمة للأسير ويطلق سراحه بعد الأسر، لانتفاء مبررات استمرار سجنه، وذلك ماتنص عليه القوانين الدولية وأحكام حقوق الانسان حسب مواثيق الأمم المتحدة.