الصباح ذات صباح

آراء 2022/05/24
...

  عبدالزهرة محمد الهنداوي
ذات يوم، أشرقت فيه شمس العراق، وتنفس الصباح بأمل مشرق.. في تلك الأيام، التي كان فيها العراق خارجا للتو من براثن دكتاتورية مقيتة، أيبست جذور الحياة، حتى بدت مثل صحراء قاحلة، أصفرّ فيها النبات، وفقد نضارته.
في تلك الايام، بدأت السماء تتزين بمصابيح جديدة، لم يعتدها العراقيون، مصابيح تنير ظلمة الحياة، وتهدي الناس إلى مسارات حياتية أكثر ألقا.
في تلك الأيام، كانت الصحافة العراقية، تقف قبالة، عهد جديد مختلف كليا عما كان عليه الحال، قبل بزوغ الصباح الجديد، فانقسم الصحفيون إلى ثلاث فئات، الأولى تترقب مآلات الاحداث، وما ستتمخض عنه تلك الاحداث من ولادات، ليقرروا بعدها في أي مسارٍ يسيرون، والفئة الثانية، كانوا رافضين التغيير، غير مقتنعين بما جرى، اما الفئة الثالثة، فهم الذين استقبلوا التغيير، وقرروا أن يرسموا للصحافة العراقية وجها جديدا، بقسمات لا تشبه قطعا، تلك القسمات التي كان عليها قبل شروق الشمس.
في تلك الأيام، اكتظ المشهد بعدد غير قليل من الصحف، كانت بأشكال وألوان وأهواء وتوجهات مختلفة، لحد التناقض الحاد والتقاطع بينها، ولأن الكثير من تلك "الصحف"، لم تكن متوافرة على المتطلبات المهنية، إنما جاء بها أصحاب امتيازها، بحثا عن الماء والكلأ، مستفيدين من "الفورة" الصحفية التي شهدها العراق، في تلك الأيام، فراحت تتساقط مثل النيازك والشهب، من دون أن تترك أثرا في السماء.
في تلك الأيام، بدأت سماء الصحافة العراقية تصفو رويدا رويدا، بعد أن  احترقت جميع النيازك، لتبقى النجوم التي بها يهتدي الناس، وكان من بين النجوم اللامعة، التي لفتت أنظار الناس الى لمعانها الأخّاذ، هي جريدة الصباح، وعدد قليل من الصحف.
ومنذ ذلك الصباح، استمرت "الصباح" بالتوهج، ومع كل صباح، تزداد "الصباح" ألقا، حتى أصبحت تمثل قيمة فكرية وعلمية مهمة لقرائها، الذين يتابعونها، سواء كان المتابعون من رواد الصحافة الورقية، أو من الأجيال الالكترونية.
وبتقييمي  المتواضع، أجد اليوم أن جريدة الصباح تقف في الصف الاول بين الصحافة العراقية، شكلا ومضمونا، لما تحتويه من مواد صحفية تشبع نهم القارئ، في السياسة والاقتصاد والثقافة والفن والرياضة، والاجتماع والعلوم، والمرأة والطفل، فضلا عن اعطائها مساحة واسعة للرأي، من دون أن تضع أي حواجز في طريق أصحاب الرأي، وأتوقع لها أيضا، وكما أشرقت ذات صباح في سماء العراق، فإنها ستشرق عند صباح قريب، في السماء العربية، لتكون جنبا إلى جنب مع كبريات الصحف العربية، التي يعرفها العرب جميعا.
كل صباح وجريدة  الصباح والعاملون فيها بألف خير، لمناسبة الذكرى (19) لإشراقتها الأولى.