عبد الحليم الرهيمي
رغم أن الإحاطة التي تقدمت بها السيدة جنتين بلاسخارت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق الأسبوع الماضي أمام المنظمة الدولية في نيويورك، هو تقرير دوري اعتاد ممثلو الامين العام في العراق منذ العام 2003 على تقديمه أمام مجلس الأمن.
لكن هذه إحاطة التقرير التي تقدمت بها بلاسخارت جاءت مختلفة و(مميزة) هذه المرة بوضوحها وصراحتها وجرأتها، وكذلك في تعبيرها عن حرص العالم على حاضر ومستقبل العراق وشعبه وبما يحدق بهما من أخطار راهناً وفي المستقبل.
وللتوضيح نشير إلى أبرز وأهم ما ورد في إحاطة الممثلة الأممية ومنها: إن العراق يمر (بمرحلة السياسة الصفرية)، التي ينبغي اصلاحها، واذا كان العراق ليس البلد الوحيد بتأخر تشكيل حكومته، فإن هذه الذريعة التي يتستر بها المسؤولون عن هذا التأخر، لا تأخذ في الاعتبار الانسداد السياسي الراهن في
البلاد.
أما عن الأخطار التي تحدق بالعراق وشعبه فقد شددت بلاسخارت بعبارات صريحة وواضحة بأن العراق يرفض وعن وجه حق، فكرة ان يمكن معاملته كفناء خلفي، إذْ ينتهك جيران العراق وغيرهم بشكل متكرر سيادته وسلامة أراضيه، متخذة أمثلة واضحة لذلك وهي القصف التركي والايراني المستمر لأربيل والقصف العشوائي للصواريخ عليها، وعلى مناطق عديدة في العراق وبما يعرض أمنه واستقراره لأشد الأخطار، أما عن مخاطر حمل السلاح وانتشاره خارج سيطرة الدولة، فقد أكدت وبمغزى عميق، أن العراق ليس بحاجة إلى حكام مسلحين بتصوير أنفسهم زعماء، الامر الذي يتطلب تشخيصهم باعتبار ذلك ضروريا لترسيخ القانون.
لم تكن هذه المواقف التي عبرت عنها الممثلة الأممية في إحاطتها الأخيرة تكراراً لما قيل في الإحاطات السابقة، إنما اتسمت هذه المرة بنبرة عالية وصريحة لتحذير العالم وتنبيهه لما يحدق بالعراق من أخطار، لكن بشكل أساسي تحذير العراقيين برسالتين إحداهما للسياسيين المتنفذين المسؤولين عما يحدق بالعراق وشعبه تكف عن الاستمرار في سياساتهم المدمرة للعراق، والرسالة الثانية نحو النخب الفكرية والسياسية المخلصة والنزيهة الحريصة على العراق وشعبه، باجتراح الحلول والأفكار والخطط المساعدة على إنهاء الإوضاع الشاذة والأخطار المحدقة بالعراق.
إن الأهمية الكبيرة لإحاطة بلاسخارت أنها لم تقلها في غرفة مغلقة ولا بندوة اعلامية تنهي أهميتها، بأحيانٍ كثيرة، بانتهائها، لكنها قالت ذلك أمام ممثلي أكثر من 190 دولة لا يعجب كلامها عدد غير قليل منهم، فتحدثت بما يمليه عليها ضميرها، كما يرى كثيرون، أنها أرادت (تحليل خبزتها) كما يقال، لا الاكتفاء بالمنصب الدبلوماسي الرفيع وامتيازاته السخية.
إن ناقوس الأخطار المحدقة بالعراق الذي دقته بلاسخارت ينبغي أن يستمع اليه الجميع، وخاصة السياسيين المعنيين، ويتأملوا بمضامينه ودلالاته!.