ابراهيم سبتي
من المؤكد أن المذيع التلفزيوني يختلف تماما عن المذيع الإذاعي، فلكل منهما ميزاته وخصائصه وظروفه المهنية التي عليه أن يتوافق معها.
لكن المذيع التلفزيوني وخاصة مقدم البرامج، هو الاكثر متابعة للجمهور لأنه سيكون وجها لوجه معهم.
فمنهم من يتقن المهمة التي أوكلت اليه ويدير اللقاء مع الضيوف بنجاح وأريحية وقوة اعصاب وثقافة متميزة، ومنهم من يشعر بالقلق ويبتر أجوبة الضيف ويواصل يسأل ويبتر الجواب ايضا، ويطرح اسئلته بطريقة القراءة من الورقة ولا يستطيع التعبير عن السؤال او مضمونه، ومنهم من يتكلم أكثر من الضيف ويعلق ويتداخل ويأخذ وقت الضيف الذي يشعر بأنه قد صودر ولم يجب الأجوبة التي تفيد الجمهور.
هؤلاء الثلاثة لهم صفاتهم وسماتهم واختلافهم بالطبع.
فالأول الذي يتقن المهمة هو المثقف والأكثر إطلاعا ويحاور الضيف محاورة مفيدة، ويستطيع من خلالها جذبه إلى منطقته والحصول على وافر المعلومات منه، دون أن يربك او يقلق او يصادر حقوق الضيف بالإجابة.
وهو يرتجل السؤال ويلقيه على مسامع الضيف دون ان يقرأ بورقة كأنه يقرأ شيئا في المدرسة.
اما الثاني الذي أشرنا اليه، فهو الذي يبتر الاجوبة ليسارع بتوجيه سؤال اخر بطريقة القراءة طبعا، ولا يهتم لما قاله الضيف في السؤال السابق.
حتى أن المذيع لا يفرق بين ما قاله الضيف وما سيسأله المذيع لاحقا وكأنه في واد والضيف في وادٍ آخر. فيخلق جوا متوترا يكشف عن قلقه وعدم درايته وقله ثقافته، وبالتالي يحاول أن يمضي الوقت لكي ينتهي اللقاء. اما الثالث الذي أشرنا إليه أيضا، فهو المذيع الذي يقاطع الضيف مرارا وباستمرار ويتكلم اكثر منه. فيخلق جوا من الربكة والشعور بمصادرة الحقوق بالنسبة للمذيع، الذي يظهر الوجوم أحيانا على وجهه او الامتعاض. وأعتقد أن هذا النوع من المذيعين يحاول ان يظهر أمام الجمهور بانه مثقف ومحاور بارع، ويستطيع السيطرة على الضيف ويمتلك مهارة وحضوراً. إن المذيع أولا وتاليا يجب ان يكون مثقفا، وقارئا جيدا ومطلعا ومثابرا. ولكي يحاور جيدا عليه أن يكون مطلعا على المحور الذي يتحاور فيه مع الضيف، وهذا الاطلاع يكون متأتيا من ثقافة واسعة ومعرفة في جميع الامور والقضايا التي يمر بها الناس. وأعتقد أن خبرته في الاقتصاد والسياسة والفن والثقافة وغيرها، كفيلة بان تجعله محاورا جيدا إن استطاع أن يترك الضيف يعبر عن فكرته بالإجابات المطلوبة منه. للأسف أن البعض، لا يفقه شيئا في الثقافة العامة ويبدو انه يعيش في عالم آخر، حين يقرا السؤال قراءة نمطية وينظر إلى ورقته باستمرار، ليباغت الضيف بالسؤال الجديد، في حين أن الضيف لم يجب الا عن شيء قليل. إن الاطلاع والقراءة وحب المهنة، ستصنع مذيعا مقبولا جماهيرا، وبالتالي سيكون له مستقبل واعدٌ، له جمهوره. الأدهى أن نرى مذيعا يتكلم بكثرة ويأخذ وقته ووقت الضيف، من دون مراعاة لذلك الضيف والجمهور معا، وأعتقد أن المسؤول عن الحوار إن كان معدا او مخرجا، عليه ان ينبه هذا المذيع ويترك للضيف الفسحة المقررة له، لكي يعبّر عن فكرته ويفيد الجمهور، وإلا ما الفائدة بالاتيان بضيف لا يستطيع الكلام لأن المذيع يتكلم أكثر منه؟ بصراحة لا أؤيد فكرة المذيع المتخصص في مجال معين بأن يدير الحوار العام البعيد عن اختصاصه. وأقصد بأن المذيع الرياضي يحاور أمثاله من الضيوف، والأمر يعود على الاختصاصات الأخرى. وأعتقد بأن المذيع الشامل، أفضل من يدير الحوار ويحاول أن يلتقط المعلومة من الضيف، حتى وإن أراد أن يخفيها، وهو الامر الذي يتميز فيه المذيع المثقف الملم بكل التفاصيل، وبالتالي يتميز برباطة جأش وقوة اعصاب وصبر وموضوعية ومهارة مطلقة.