العدالة التي تحسم ما جرى

آراء 2022/05/29
...

 حسب الله يحيى 
 
عنما كنا طلابا, يحدث أن يمسك المعلم بأحد الطلاب متلبسا بجريمة (الغش) في الامتحان, ولا يجد هذا الطالب (الغشاش) في الدفاع عن نفسه سوى القول: (كل الطلاب يغشون) من دون أن يعترف أنه كان (يغش).
الحال نفسه يحدث في الراهن السياسي العراقي, ذلك أن كل فئة تحاول أن تبرئ نفسها بالقول: ( الجميع مسؤولون عن الفشل, والجميع متهمون بالفساد المالي والإداري).
ولا تعترف هذه الفئة او تلك بمسؤوليتها عن هذا الفشل وهذا الفساد وهذا التدمير الذي لحق بالعراق منذ 2003 حتى الآن , امتدادا إلى المستقبل الذي لا يحتمل حتى التفاؤل، بسبب هذا التشبث بالمناصب، التي ذاق حلاوتها ولا يريد التخلي عنها بأي حال من الأحوال.
لذلك ينفي كل طرف مسؤوليته بصفة منفردة, وإنما هو حال مشترك لا يبرئ فيه أحد. في وقت نعرف فيه أن هذه الفئة او تلك لا يمكن أن تبرئ نفسها بإلقاء التهم على الآخرين أو بمشاركتهم في سرقة المال العام والاستحواذ على الكراسي الإدارية من دون وجه حق, وهم اذ يصرون على هذا (الجمع) السيئ الأهداف في جوهره ومساره اللاحق, بدليل إصرار (الكل) على عدم اقرار سلم الرواتب ولا قانون النفط والغاز ولا قانون الأحزاب ولا وضع السلاح بيد الدولة وحدها ولا.. ولا .. ولا ..أي قانون من شأنه أن يحقق الخير والعدل بين الناس, ذلك أن 85 % من العراقيين لا حق لهم بالعيش لأنهم لم يصوتوا للفاشلين في قيادة الدولة، التي يزعم كل من كان على رأسها انه حقق جملة من (الانجازات ) لم يحققها سواه لا من قبل ولا من بعد!.
وعلى وفق هذه (الانجازات) التي يزعم الكل انه قد حققها, يراد له أن يعود ليتحول العراق إلى بلد يكون فيه (الدنيا ربيع والجو بديع ) من دون ان يتوقف عند أحوال أهمها انعدام الامن واستشراء الفساد وغياب العدالة وجوع الناس وتشردهم وتغييبهم وملء السجون بالكثير من الابرياء من دون سؤال ولا جواب.. حتى اصبحت عبارة: (اين الدولة ؟) على كل لسان!
واذا ما توقفنا ازاء اي قطاع زراعي او صناعي او تربوي أو صحي أو مالي أو ثقافي أو أمني أو .. أو, فأننا لا نجد فيه بارقة أمل ولا نقطة ضوء يمكن الركون إليها.
ولأن أحدا ليس بوسعه المجيء بومضة تشير إلى خير ما أو وجه حق ؛ صار من المتداول على لسان كل (سياسي)، يجهل في الاصل علم السياسة وعلم القانون, التحدث عن اشتراك الجميع في كل ما حصل من (أخطاء) في عراق ما بعد 2003 .
فهل يعفي هذا الإعمام براءة أيَّ فرد من هؤلاء المدانين، الذين يتم التستر على ملفاتهم, حتى لا تكشف ملفات الجهات الأخرى.
بل إننا لنجد عددا ممن كشفت ملفاتهم, يغيبون عن المشهد لأسابيع أو شهور ثم يظهرون في مشهد لاحق (يكرمون) فيه على ما فعلوه بانتقالهم إلى مواقع ادارية متقدمة.
أو يتم تهريبهم خارج السجن!.
صحيح جدا أن الجميع مسؤولون عن الخراب والفساد، كل من موقعه وكل من مسؤوليته، إلا أن هذا الإعمام لا يعفي أحدا من جرائم ما اقترفه من فساد وإهدار للمال العام أو تخريب كل البنى الفوقية 
والتحتية.
الطالب(الغشاش ) مسؤول عن فعلته والمسؤو ـ اي مسؤول ـ معني بفعلته كذلك وإن كان الكل مشاركا في الأداء. ذلك أن العدالة تعرف كيف تستأصل الفساد من جذوره يوما ما وقد يطول مجيء هذا اليوم او يقصر لكنه آت.
آت بكل تأكيد.