الإعلامي بين قيود المكاسب وحرية التعبير

آراء 2022/05/29
...

 احمد كامل السراي
 
يبدو أن الساحة الاعلامية في العراق اصبحت مكتظةً جداً بآلاف الاعلاميين، الذين يعملون بمختلف المؤسسات الاعلامية الحكومية والاهلية، حيث إن هذه الكثرة الكبيرة من الاعلاميين لم تأت من فراغ، بل أن الشخصية العراقية لها موروثات جينية اكتسبها الفرد بالوراثة، فالشخصية العراقية من طبيعتها تحب الاستطلاع والاستماع عما يدور حولها من احداث، وتشاهد الناس في كل مكان تسترق الاخبار من هنا وهناك، وتتداول الحديث في كل مكان السيارة، المقهى، الاسواق، والعمل وفي كل مكان، إضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وهذه جميعها تعتبر من اساسيات العمل الاعلامي، وازدادت تلك الممارسات الاعلامية بعد انطلاق حرية التعبير عن الرأي بعد عام 2003، والذي فتحت فيها الأبواب على مصراعيها بمئات المؤسسات الاعلامية للعمل الاعلامي، وتوثيق الأحداث، إضافة إلى الصفحات الشخصية في التواصل الاجتماعي والتي تعمل ايضاً في نقل الأخبار والأحداث أول بأول .
بدأت المؤسسات الاعلامية المختلفة باستقطاب الاعلاميين المميزين بالعمل لديها، والغاية من ذلك هو الاستفادة من الكفاءات والخبرات والطاقات الواعدة في هذا المجال، من اجل تحقيق المتابعة الكبيرة من الجمهور.
ومع كثرة الاعلاميين زاد ذلك من تنافسهم للعمل في المؤسسات الاعلامية دون النظر إلى مموليها وسياستها وحتى مصداقيتها، بسبب كثرة أعداد الاعلاميين نسبة للمؤسسات الاعلامية، فضلاً عن ذلك فأن الاعلامي يكون طامحا للعمل في المجال الاعلامي، وتفضيله عن العمل في باقي المجالات، فأصبح هدفه الاساسي هو الحصول على عمل اعلامي يسد به رمقه، ويواصل ايضاً اختصاصه الإعلامي، لكي يكون محط انظار المؤسسات الاعلامية الكبرى والتي قد تسهم في رفع مستواه المعاشي اذا ما عمل فيها، فيكون الاعلامي مجبراً للعمل في اي مؤسسة اعلامية، ليعرض بضاعته والا أصبح نسياً منسياً وسط الأعداد المتصاعدة من الاعلاميين سنوياً، خصوصاً من الطاقات الشبابية الواعدة .
وبذلك يكون الاعلامي قد كبل يديه بعدة قيود للمؤسسة التي يعمل فيها، وصار البعض عبارة عن (روبورت) يتحكم فيه ساسة المؤسسة الاعلامية ويلبي لهم ما يريدون، وانعكس ذلك سلباً على طموحاته في الارتقاء بأدائه الاعلامي، حتى أهمل عدة قضايا مهمة في الاعلام، وصار هدفه الأساسي هو الحصول على عمل إعلامي يدفع له الأجر، دون النظر إلى طموحاته ومبتغاه والتغاضي في مراتٍ عديدة عن الحقيقة والمصداقية، والتخلي عن حرية التعبير، والتحدث بلسان المؤسسة الاعلامية 
ومموليها.