انسداد مسارب الثقة

آراء 2022/05/31
...

 سعد العبيدي
 
سبعة أشهر متواصلة من الانسداد السياسي شبه المستعصي، والأحزاب السياسية الفائزة بمقاعد في البرلمان، تكفيها لأن تلعب دوراً في تشكيل حكومة السنوات المقبلة، تكاد أن تكون عاجزة عن الخروج من مأزق التشكيل، وبدلا  من التنازل قليلاً، والنظر إلى كم الخسارة العامة للبلاد بالمقارنة مع خسارة التنازل الخاصة، راحت جميع هذه الأحزاب الممثلة بكتلتي التيار والإطار، تهرول إلى الأمام لتقديم مبادرة تلي أخرى، حتى صرنا نسمع اليوم مبادرة، ونسمع في اليوم الذي يلي رداً على شكل مبادرة من الطرف المقابل، فحق القول أو الوصف التشبيهي للواقع (بين مبادرة ومبادرة 
مبادرة). 
إن النظر إلى شكل هذه المبادرات وطبيعتها يتبين، أنها في العموم تأتي على شكل مناورات باتجاهين متعاكسين، يكون فيه الأول استهداف مباشر للخصم ضغطاً؛ أو تعجيزاً على أمل دفعه إلى الرضوخ لإرادة تشكيل حكومة النوع، وفيه الضد سعياً حثيثاً للطرف المقابل، بغية الحيلولة دون التشكيل، واستبداله جهد الإمكان حكومة توافق ترضي الطرفين، ويتبين أن نهج التفكير السائد لهذين الطرفين قائم على عدم الأخذ في الاعتبار حساب الضرر الحاصل على الشعب العراقي صاحب الشأن، وعلى عمليته السياسية التي بلغت حدود التصدع بسبب هذا التضاد الذي صار ومن كثر المبادرات شخصياً أكثر منه شعبياً، ويتبين كذلك أن أصل الموضوع أو الصراع يعود بالدرجة الأولى إلى فقدان الثقة بين الطرفين الرئيسيين، وربما إلى قناعة أحدهما قيام الآخر في حال تفرده بتشكيل الحكومة من نكش الماضي وإعادة المدفون منه أخطاء، وتجاوزات يحاسب عليها القانون يمكن أن تطيح حتماً برؤوس قاومت الإطاحة لسنوات طوال. على هذا يكون الانسداد الأصلي انسداداً لمسارب الثقة بين طرفين رئيسين تسبب في وضع مشروع تشكيل الحكومة أمام جدار صلد، يصعب تجاوزه الا بفتح تلك المسارب وإعادة الثقة ولو بأبسط صورها توجس 
حذر.