من يحكم واشنطن؟

آراء 2022/06/01
...

 حسين الذكر
 
برغم مواجع الأيام التي عصفت بي بعد فقدان ولدي، الا أن بعض الأصدقاء كانت لهم مساهمات ودعوات، الغاية منها التخفيف وخروجي من الازمة – بقدر ما – وقد زرت مهرجان الكتاب الأخير في معرض بغداد الدولي برفقة الصديق د يحيى علوان، حينما وقعت عيني على كتاب (من يحكم واشنطن) لمؤله خضر عواركة. 
الذي سارعت باقتنائه لفضول معرفي تاق بكل وجداني، لمعرفة السر الكامن منذ أكثر من ثلاثة قرون حول تلك لقارة البعيدة المكتشفة بمرحلة مفصلية من تاريخ البشرية.
الكتاب لم يتطرق إلى ديموغرافيا وثروات وموقع وسكان وأصول الأميركيين... بقدر ما ركز على أصول القوة التي تعتمد عليها هذه القارة في توحدها وفرض إرادتها على أكثر من مفصل بصورة قسرية أو اتفاقية أو طوعية.. الكتاب لم يتطرق كثيرا إلى صناعة القوة العسكرية مع أنها هي السيف المشهور منذ مئة عام تقريبا لفرض سياساتهم.. إلا أن التركيز صب على ثلاث نقاط أساسية تتمثل في صناعة واكتناز المال، الذي يعني ضمنا حيازة السلاح وإدارة ملف الاقتصاد.. والنقطة الثانية تتمثل في صناعة وسيطرة الإعلام التامة على العالم، و أغلب رأيه العام وما تعنيه من عجينة ضرورية لخبز أي رغيف شكلا وطعما ووجبة.. اذ إن التغذية الفكرية والنفسية والعقائدية، تعتمد بجوهرها على ذلك الرغيف المصنوع باتقان حرفي تام .
اما النقطة الأساس اللافتة للانتباه والخاطفة للألباب، فهو ذلك العدد الكبير من مراكز البحوث العلمية التي بلغت نحو أربعة آلاف مركز بحثي نصفها - كما جاء بالكتاب والمصادر - يرتبط بالجامعات الأميركية، والنصف الاخر يسيطر ويدار ويضم كبار رجالات النخب بجميع الاختصاصات المطلوبة، حتى وإن بدت لبعض الأمم النائمة أنها بسيطة لا تحتاج إلى مركز بحوث. 
 المراكز صنفت إلى ثلاثة: منها البسيط بميزانية سنوية لا تتجاوز اثنين مليون دولار وبعشرة عاملين فقط.. أما الصنف الثاني فميزانيته تعدت 15 مليون دولار، ويضم حوالي مئة موظف.. أما الأهم واكبر فتتجاوز ميزانيته الظاهرة – والله وأصحاب الشأن وحدهم يعلمون الرقم الخفي – تبلغ مئة مليون دولار سنويا، وبعاملين يصل عددهم إلى خمسمئة . 
الأهم من ذلك كله والمخرج المثير الذي يمكن له ان يوجز اعلمية واهمية هذه المراكز .. يكمن في ان هذه المراكز مهمتها الأساسية – فضلا عن كثير الخدمات الأمنية والصناعية والفكرية والعسكرية التي تنهض بمسؤوليتها - الا ان الأساس يكمن في تهيئة وتقديم مستشارين وقادة للمؤسسات الامريكية من خضع منها للدستور الأمريكي او عمل خارج السياقات المرئية .