أحمد عبد الحسين
تصريحات الرئيس الأميركيّ جو بايدن المتعلقة بمواجهة محتملة مع الصين، ومثلها تصريحاته الحادّة التي وصف فيها بوتين بمجرم الحرب الذي يجب إزالته، وأخيراً التغيير الملحوظ في تعاطيه المتشدد مع الملفّ الإيراني، أنهتْ سنوات من الهدوء النسبيّ الذي وسم سياسة أميركا الخارجية في عهده، تلك التي عُبّر عنها بسياسة "الغموض الخلاق".
انقشع ضباب الغموض مع اقتراب موعد زيارة بايدن إلى الشرق الأوسط، ويبدو أنّه وطاقمه في طريقهم للخروج من سياسة الانعزال والعودة إلى أميركا التقليدية التي لا تترك شاردة ولا واردة إلا وتترك فيها توقيعها، وغالباً ما يكون التوقيع بأسلحة ثقيلة.
موقع "Tom Dispatch" نشر مقالاً للمؤرخ والعسكريّ المتقاعد ويليام أستور قال فيه إنَّ الحرب بالنسبة لأميركا إدمانٌ كإدمان الهيروين، والسبب متعلق ببنية السلطة في أميركا التي تدخل الحرب وصناعة الأسلحة في صلبها بحيث تشكل مركزها الفاعل، يكتب بوضوح: الحرب أهم استثمارات الطبقة السياسية الأميركية، ولا بدّ من تنشيط الاستثمار من وقت لآخر.
المناخ السائد في العالم منذ الأزمة الأوكرانية مناخ حرب، ومن العسير تصوّر أنَّ حديثاً شيّقاً يدور حول توازنات رعبٍ نوويّ من دون أن تكون لأميركا حصة وافرة من حديث يوم القيامة الممتع هذا.
يمكن بسهولة أن نرى سيّد البيت الأبيض الغامض يتجول ببدلة عسكرية قريباً، برغم تحذيرات شيخ الدبلوماسية الأميركية "هنري كيسنجر" من مغبة خوض حربٍ في هذا الوقت، لأنّ تحذيرات كهذه وأشدّ صدرتْ قبيل كل حربٍ باشرتها أميركا.
الحوار العسكري المتقطع بين إيران وإسرائيل يتسارع بعد اغتيال ضابط إيراني وسط طهران، بموازاة حوار نووي متعثر لا يكاد يسفر عن شيء، ولذا فإنّ نذر الحرب التي تهيمن على العالم بسبب أوكرانيا، توجد منها نسخة مصغرة هنا في منطقتنا التي سيزورها قريباً بايدن الذي يرى مراقبون أنه في طور التحوّل إلى رئيس حرب.
أميركا مدمنة حروب، يقول أوستر، وبالعودة إلى فيتنام فأفغانستان فالصومال ثم العراق، كان عليه أن يضيف إلى حروب كلمة "فاشلة".