ما زالت الحوارات والتقارب الأخير بين الحزبين الكرديين الاتحاد الوطني والديمقراطي، تلقي بظلالها على المشهد السياسي العراقي بأكمله، وأبدى مراقبون وقوى سياسية آمالاً واسعة بظهور «الدخان الأبيض» من البيت الكردي كدلالة على التوافق بشأن اختيار المرشح لرئاسة الجمهورية، وبينما لا تزال الأمور تراوح مكانها في البيت الشيعي، كشف قيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني عن قرب إطلاق زعيم الحزب مسعود بارزاني مبادرة ربما ستمهد لحل الانسداد الحاصل منذ أشهر.
وقال النائب عن ائتلاف دولة القانون، المنضوي في الإطار التنسيقي، الدكتور جواد الغزالي في حديث لـ"الصباح": إن "على الكتل السياسية تكثيف العمل والحوارات إضافة إلى تكثيف المبادرات حتى لو لم تلاق قبولا، فالمهم إيجاد نوع من التواصل بين الكتل السياسية في طرح الأفكار والرؤى من أجل التوصل إلى نقاط وفهم مشترك يفضي إلى إنهاء الانسداد السياسي" .
وبين أن "الظروف القاسية التي يمر بها الشعب تحتم على الكتل السياسية الكبيرة الإصغاء لصوت الشعب والإسراع بتشكيل الحكومة والتضحية وتقديم التنازلات السياسية في سبيل ذلك" .
أما القيادي في ائتلاف دولة القانون، جاسم محمد جعفر، فأوضح أن "القوى السياسية الشيعية تترقب ما ستتوصل إليه الأحزاب الكردية بشأن انتهاء الانسداد" .
وأضاف أن "الانتهاء من ملف رئاسة الجمهورية والأزمة الكردية يعني الانفراج في كل العملية السياسية بالعراق وسيؤدي إلى رسم المفاوضات المقبلة"، وأشار جعفر إلى أن "الإطار التنسيقي يدعم بقوة أي طرح لإنهاء الخلافات لاسيما الكردية لكنه لا يتدخل بشكل مباشر في حل أزمة البيت الكردي" .
من جانبه، بين المحلل السياسي، الدكتور طالب محمد كريم، في حديث لـ"الصباح": أن "هناك محاولة جادة لإعادة العلاقات بين الحزبين الكرديين الديمقراطي والاتحاد الوطني، وبالتالي التفاهم على تسلم إحدى الشخصيات منصب رئيس الجمهورية، بمعنى أن تتم إعادة منصب رئيس الجمهورية إلى حزب الاتحاد الوطني وأن لا يكون هناك اعتراض من الديمقراطي على أية شخصية تقدم من حزب الاتحاد، في مقابل أن تذهب حصص الاتحاد من الوزارات إلى الديمقراطي في بغداد" .
وأضاف أن "الإطار التنسيقي سيستفيد من هذا التحول والاتفاق، وإذا ما تم التصويت على رئيس الجمهورية فإنه لن يقدم أي مرشح لمنصب رئيس الوزراء إذا لم يكن هناك توافق بين الإطار والتحالف الثلاثي" .
بدوره، كشف القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم، عن موعد إطلاق مبادرة زعيم الحزب مسعود بارزاني، بينما استبعد الذهاب إلى خيار حل البرلمان.
وقال عبد الكريم في حديث صحفي: إن "خيار حل البرلمان هو أمر صعب جداً وفقاً للظروف الحالية"، مبيناً أن "الأيام المقبلة ستشهد طرح مبادرة زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، التي سيتم من خلالها حل الكثير من المشكلات التي تسببت في الأزمة الحالية" .
وأضاف أن "المبادرة أصبحت ناضجة لكنها لم تطرح بشكل رسمي حتى اللحظة بل سيتم طرحها بعد الحادي عشر من الشهر الجاري"، لافتاً إلى أن "الديمقراطي حالياً لديه حوارات مع الاتحاد الوطني لمعالجة الملفات العالقة وهناك أجواء إيجابية وتفاؤل في حل جميع الخلافات" .
وفي ظل استمرار وضع الانسداد الحالي، عادت إلى الواجهة العديد من السيناريوهات من بينها خيار حل البرلمان، بينما استمرت الانتقادات المتبادلة بين طرفي الأزمة الرئيسين "الإطار التنسيقي" و"التحالف الثلاثي" بشأن المسبب لهذا الانسداد.
وانتقد النائب عن الإطار التنسيقي، أحمد الموسوي، ما وصفه بـ"إصرار بعض الأطراف على إبعاد جهات أو أشخاص أو أحزاب لغايات ضيقة"، مشيراً إلى أن "خيار حل البرلمان هو الحل المنطقي في حال استمرار الانسداد السياسي وتمسك الطرف الآخر بمواقفه" .
وبين أن "الإطار التنسيقي كان وما زال هو المبادر وهو الجهة التي تتعامل بمرونة وتدعو إلى الحوار ويمد يده لجميع الأطراف السياسية لحل الأزمة" .
من جانبه، اعتبر القيادي في تحالف الفتح، محمود الحياني، اليوم أن الاستمرار بتأخير تشكيل الحكومة يؤدي إلى تأثر العراق اقتصادياً ما يدعونا لأهمية الإسراع بإنهاء الانسداد السياسي.
وجدد الحياني التأكيد بشأن "صعوبة المضي بتشكيل حكومة أغلبية لأن العملية السياسية بنيت على التوافق والدستور حدد الشراكة أيضاً، وبالتالي من الصعب بهذا التوقيت الحديث عن حكومة الأغلبية" .
وأضاف أن "ما نريده هو أن يكون رئيس الوزراء من استحقاق البيت الشيعي فهو حق إلى التيار والإطار والمستقلين من المكون كحال المكونات الأخرى التي لها استحقاق اختيار الرئاسة التي تخصها، وبالتالي علينا أن نحتكم للواقع ونتجه كمكون للتوافق لاختيار مرشحنا لإدارة الحكومة المقبلة" .
تحرير: محمد الأنصاري