صانعو الأقفال

العراق 2022/06/06
...

أحمد عبد الحسين
 
هل حان موعد المبادرات الخارجية لمعالجة انسدادنا السياسيّ الذي طال أمده؟
ربما. فحين لا يجد أهل الدار حلولاً لمشاكلهم العائلية، وحين يصبح كلّ نقاش جديد أزمة جديدة تعلو معها أصوات الصراخ وتكسير الصحون، فربما يكون على الجيران وأهل الحيّ أن يتدخلوا.
المبعوثة الأممية جين بلاسخارت دخلتْ في صمت مطبق بعد إحاطتها المثيرة للجدل منتصف الشهر الماضي، لكنها عادت في اليومين الماضيين بقوة. اجتمعت برئيس الجمهورية ثم بالسفيرين الأميركي والبريطاني وتعتزم رؤية الزعماء قريباً.
محنة دور الأمم المتحدة، التي هي طبعاً محنة السيدة بلاسخارت شخصياً، تشبه تماماً محنة الإعلام عندنا في العراق، الجميع يعترف بأهميته وتأثيره، والجميع يطلب ودّه، لكنْ كلّ واحد يريده له وحده خالصاً من دون الناس. وإذا حدث للمنظمة الدولية أنْ أجبرتها حياديتها على إغضاب فلان فإنّ عشيرة الفلانيين ومدوّنيهم ومحلليهم سيلعنون الأمم ومن أسسها وبلاسخارت ومن أرسلها.
استقرار العراق مهمّ لمنطقته والعالم. هذا مؤكد في ظلّ الحرب الأوكرانية وتسارع رغبة إيران والغرب في الوصول إلى اتفاق، والانفراج البيّن في العلاقات الإيرانية الخليجية. العراق جسر بين ضفتين تريدان أن تلتقيا، ومن مصلحة الجميع أن يكون هذا الجسر ثابتاً لا يثير الخوف.
الغرماء سيلتقي كلّ منهم السيدة الأممية، وسيصغون لها بعمق، فهم في نقاشاتهم مع بعضهم لا يستمعون جيداً ويصيبهم صمم مؤقت، ربما لأنهم حفظوا بعضهم البعض عن ظهر قلب فلا يتوقعون جديداً من غريم قديم، وربما لأنّ الأجنبية القادمة إلى جحيم العراق قد تحمل أخباراً من الفردوس.
خارج السياق: قلت إن بين عمل بلاسخارت والإعلام العراقي وجه تشابه. خذوا الآن وجه الاختلاف: كبار المسؤولين عندنا لا يتحمسون كثيراً للتصريح إذا ما أردنا منهم تصريحاً، لكنْ تعتريهم حماسة مفاجئة حين يتصل بهم صحفيّ قادم من وراء البحار.
الانسداد طال أمده، وقد يكون مفتاحه في خزائن الأمم المتحدة، لأننا في العراق لا نصنع المفاتيح للأسف، نضطرّ دائماً لاستيرادها عسى أن تلائم الأقفال الكبيرة التي نصنعها بحرفية عالية.