العداء السياسي «قنبلة موقوتة» تهدد السلم الأهلي

العراق 2022/06/08
...

 بغداد: حيدر الجابر
 
باتت الأزمات السياسية التي تعصف بالبلد، ظاهرة ملازمة عقب كل انتخابات برلمانية في الطريق إلى تشكيل الحكومة واستحقاقات الرئاسات الأخرى، إلا أن مراقبين للشأن السياسي حذروا منذ أشهر من أن الأزمة الحالية التي أعقبت انتخابات تشرين الأول 2021؛ هي الأخطر والأكثر تشنجاً وتطرفاً في الاستعداء بين الأطراف السياسية إلى الحد الذي وصل إلى القطيعة الكاملة. 
هذه الحالة السياسية الجديدة بدأت بالتأثير في الواقع الاجتماعي، فقد بدأت جماهير الأطراف السياسية المختلفة في التحزب والتعادي، وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي حرباً عنيفة تنذر بما لا تحمد عقباه، إذ بدأ البعض بالتلويح بالسلاح أو النزول إلى الشارع.
وانتقد المحلل السياسي د. محمد نعناع، "جرّ الجماهير إلى المعارك السياسية، واستخدام سياسة التحريض، وهذا دليل واضح على فقدان الثقة بين السياسيين" . وقال نعناع في حديث لـ"الصباح": إن "الكتل السياسية تستخدم الواقع الاجتماعي من خلال جماهيرها، عبر صياغة نمطيات عدائية تجاه الآخر"، وأضاف أن "الكتل السياسية تحرض جمهورها وتعبّئه بثقافة العداء تجاه الطرف الآخر" . وأكد أن "جماهير الأطراف السياسية المختلفة حاضرة بقوة في الشارع والواقع الافتراضي"، لافتاً إلى أن "فقدان الثقة بين السياسيين تجاوز حالة الفقدان إلى حالة مستدامة من الأزمات" .وتابع: "لقد تجاوزنا حالة فقدان الثقة إلى اختلاف الرؤى الستراتيجية بالكامل، وتوجد مسارات يتم فيها تحريض الجماهير عدائياً"، وضرب مثلاً بالخلاف بشأن شكل الحكومة المقبلة بين الأغلبية والتوافق، وما نتج عنه من صراع إعلامي خطابي عدائي يصل إلى مستوى العداوة والتخوين، مبيناً أن "الخلاف السياسي قد وصل إلى العلاقة الشخصية بين أفراد المجتمع، كما أنه أثر سلباً في حياتهم المعيشية اليومية" . بدوره، بين الكاتب والباحث الاجتماعي، زيرك أحمد رحمان، أن "التحزب السياسي أثر في علاقات الأفراد الشخصية"، محذراً من "تأثير الخلافات السياسية في حياة الناس اليومية" . وقال رحمان لـ"الصباح": إن "سياسة الأحزاب العراقية مليئة بعدم الثقة بالآخر، وهذا النوع من التحزب یدخل في معظم الأمور الاجتماعية بل وحتی بین الأفراد في علاقاتهم الخاصة"، وأضاف "کلما ابتعدت الأحزاب والکتل السیاسیة عن بعضها البعض أثر هذا الابتعاد في تمشیة الأمور الإدارية، وهذا سیکون عاملاً أو ذريعة في خلق أزمات مالية بلا جدوی"، محذراً من أن "هذا بحد ذاته یخلق سلسلة من المشكلات الاجتماعية الناتجة عن الأوضاع المادية المتدهورة" . وضرب الباحث مثلا بالوضع في إقليم كردستان، مؤكداً أن "النموذج الأكثر وضوحا في هذا الصدد الأوضاع المالية في إقليم كردستان، ولا سیما أزمة رواتب الموظفين التي تمس حیاة غالبية المواطنين في المنطقة"، وبين أن "الحزب الذي له حصة الأسد من المسؤولية لا یولي اهتماماً بأقوات الناس بسبب عدم ثقته في المشاركة بالحكومة الجديدة" .
 
تحرير: محمد الأنصاري