د. علاء هادي الحطاب
بمراجعة سريعة لتأريخ العراق المعاصر سنكتشف أن شهري حزيران وتموز كانا ومازالا يفوران في العراق، بمعنى أن أغلب الثورات والانقلابات والاضطرابات السياسية التي حدثت كانت في شهر تموز، الأمر لم يختلف كثيراً بعد عام 2003 إذ لم يمض شهر تموز في كل السنوات السابقة من دون أن تشهد شوراعنا ومدننا تظاهرات مطلبية كبيرة وواسعة بسبب سوء خدمات الكهرباء وارتفاع درجات الحرارة وانقطاع الماء الصالح للشرب وغيرها من الخدمات التي كانت وما تزال في تراجع مستمر، ولكم أن تقلّشبوا “ گوگل” لتكتشفوا ما يفعله شهر تموز في العراقيين وما يفعلونه في شهر تموز.
تموز هذا العام “ لا سامح الله” لن يختلف عن سابقاته بل هو مرشح لاضطرابات سياسية اكثر من السنوات السابقة بسبب ما وصلت إليه العملية السياسية من انسداد غير مسبوق، وتقهقر النظام السياسي وانكفائه إلى الوراء، مع غياب ثقة كبيرة بين الفرقاء السياسيين من جانب و الطبقة السياسية مجتمعة والجماهيرمن جانب آخر.
غياب للحلول وفشل مستمر للمبادرات والتزام كل طرف بطروحاته ورؤيته من وجود لمناطق رمادية ووسطى يجعل المشهد السياسي مرشحاً لمزيد من التوترات التي ما إن تجد بيئة خصبة حتى تتحول إلى فعل في الشارع، يتمظهر تارة بالتظاهرات الاحتجاجية وربما لن يتوقف عند هذا الحد إن استمر غياب الحلول، مع استمرار تزمت الطقس بارتفاع درجات حرارته وقساوتها، واستمرار “ كهربائنا” الوطنية بانقطاعها وغيابها لساعات خلال النهار والليل معاً.
تجمع هذه الظروف والأسباب والمسببات والشواهد التأريخية يحتم علينا جميعاً أن ندرك لحظة الخطر وندفع باتجاه تجاوزها سواء كنا أفراداً أو أحزاباً، سياسيين أو نخباً، مؤثرين في المجتمع، كل بحسب قدرته ووسائل تأثيره، فتموز هذا العام “ يفور” أكثر من سابقاته، وظروف فورانه مهيأة كذلك وبيئة اضطرابه متوفرة” لا سامح الله”.
لذلك فلنعمل جميعاً على تدارك أمورنا ولو بكلمة طيبة نشيعها في ما بين المختلفين.