علي العقباني
لم تفلح السينما العربية ومن بينها السينما السورية بالطبع في تقديم أفلام سينمائية لافتة ومميزة عدا قلة قليلة جدا منها، في أن تقدم صورة المرأة كائناً اجتماعياً وإنسانياً فاعلاً ومؤثراً وحقيقياً في الحياة كما ينبغي، ليس مرد ذلك في أن معظم صانعي تلك الأفلام رجال، أو أن ما قدمته المخرجات النساء لم يكن عميقاً بما يكفي لتقديم تلك النماذج الإنسانية التي تتحرك وتترك أثراً أو حضوراً أو حالة.
وحيال هذا الأمر لم ينقل المشهد السينمائي السوري الصورة الحقيقية والمنصفة لها، وذلك بالرغم من حضور المرأة الدائم في جميع الأعمال السينمائية، والدور المهم الذي تقوم به في ونجاحها مهما كان دورها ثانوياً.
ولأننا هنا في هذه العجالة لا يمكننا تقديم الأفلام السورية كافة وتحليل موقع وواقع المرأة من خلالها، فسيتعين علينا الإشارة إلى بعض ما كانت عليه صورة المرأة في سينمانا الوطنية وكيف حضرت، وإن كانت غالبية السينمائيين الذين شكلوا تجارب السينما السورية، والذين تحدثوا في أفلامهم عن المرأة هم من الذكور فإن ذلك لا يمكن النظر إليه بإيجابية أو سلبية، ولكن يمكن التعاطي معه ضمن الإطار الفني أو السينمائي.
وهنا يمكن القول أن السينما السورية العامة على عكس السينما التجارية الخاصة لم تلغ الدور الحقيقي والممكن للمرأة وحقها، وربما نجد في أفلام كثيرة مبالغة في الإعلاء من قيمتها إلى درجة أسطرتها، او جعلها رمزا، فنقع هنا بين احتمالين اما المبالغة او التقليل، وتلك حالتين مفارقتين.
ففي بعض الأفلام لم تكن المرأة محور الأحداث ومركزها، ويختصر دورها كشاهدة تتعامل بإحساسها وفطرتها مع كل ما يحدث أمامها من أحداث، ورغم ذلك فلا أحد يأخذ برأيها أو يسألها أو يطلب منها المشورة والعون بالرغم من حكمتها ورجاحة ما تفكر به، وفي أفلام أخرى نجد الأم السلبية الخاضعة المستكينة والمغلوب على أمرها، وربما كونها أنثى وامرأة يكون وبالاً عليها بدل أن يكون ذا خصوصية وتميز، وفي أفلام أخرى تقدم صورة المرأة التي تحاول الخروج من واقعها الصعب لتقع في ظروف أصعب وكأن دائرة القمع متوالية على أرواح النساء أينما حللن، وقدمت أيضاً باعتبارها المرأة القوية الشديدة الظالمة التي تمارس عنفاً كما يُمارس عليها، وفي غالبية الأفلام السورية الأم هي الحاضر الأكبر فيها كمرجعية وحضور ومعادل، لكل أشكال الحياة الممكنة، وتقدم هنا باعتبارها جزءاً من كل، يمارس عليه السلطة والمفاهيم، وقد نراها في أفلام أخرى صلبة وقوية وقادرة على مواجهة الاهانات والقمع محاولة الوصول إلى حقها وإنسانيتها وتقديم صورة مهمة عن نقد المجتمع والبنى المتخلفة التي تمارس على المرأة.