يوم عشقتُ صوفيا لورين وهمتُ بفستانها الأحمر

الصفحة الاخيرة 2022/06/13
...

علي حمود الحسن

لا أذكر عدد نساء السينما، اللاتي وقعت في غرامهن، منذ فتوتي ومراهقتي الأولى والثانية، ربما مئات من النجمات الأميركيات والمصريات والهنديات، وهو حب من طرف واحد على أية حال، والحب من طرف واحد كالاستشهاد من دون قضية، لكل واحدة قصة حب تختلف عن الأخرى، تبدأ في السينما تماهياً، ثم أحلام يقظة قبل النوم في البيت، بعدها البوح لصديق، حولته إلى حائط مبكى قصص عشقي التي لا تنتهي، إلا بزواج نجمتي المفضلة، او انتقالي لأخرى يهفو القلب إليها، فتزيح الأولى لتتربع على القلب الرهيف، لكني أذكر تماماً يوم شاهدت صوفيا لورين، لأول مرة في فيلم "سقوط الامبراطورية الرومانية" المعروض في إحدى سينمات الباب الشرقي الشعبية (درجة ثالثة) في أوائل السبعينيات، وقتها لم أفهم من الفيلم شيئاً، لكني ما أن رأيت صوفيا لورين بدور لوسيلا ابنة القيصر العاشقة، حتى فتنتني وأخذت عقلي بعينيها الواسعتين، وشفتيها الممتلئتين، وأنفها الجميل، وإن زاد طوله قليلا، ورشاقة جسدها، وقبل ذلك جمالها الخفي الذي يشع أنوثة ودلالاً،  فضلا عن فستانها الأحمر الذي لم يكن مشجراً، لكنه "شغل بالي  وحير حالي وتالي متالي اتحسر" مثلما تقول أغنية مائدة نزهت الشهيرة.
لورين المولودة في العام 1934 لأب أرستقراطي عاطل عن العمل يتصيد النساء، وأم صغيرة بارعة الجمال تحلم أن تكون ممثلة، تزوجها صورياً هذا الأفاق، رغم أنفه بضغط من حماته " الحديدية"، تربت صوفيا يتيمة مع أختها وأمها، التي كرست حياتها لتربية هاتين الصبيتين الناحلتين، وانقاذهما من الفاقة وأسى الحروب، نجحت في ذلك ووجدت في صوفيا معادلا موضوعيا لحلمها المضاع بالشهرة في عالم الأحلام، قدمتها في مسابقة جمال وحصلت على درجة مقبولة، وتلقفها منتج فأدت أدواراً صغيرة في فيلم "الوضع الراهن" (1951) وكتبت عنها الصحف وتصدرت صورتها غلاف أكثر من مجلة، وتوالت نجاحاتها في السينما، عشقها منتج إيطالي "جنتلمان" يدعى كارلو بونتي وتزوجها بالوكالة، فقد كان متزوجاً ولديه أسرة، فتح لها بوابات المجد، إذ تلاقفتها هوليوود، فضلا عن كبار المنتجين في إيطاليا وفرنسا،  واختارها دي سيكا في فيلم "امرأتان" ففازت بأوسكار أفضل ممثلة، فتوالت أفلامها حتى وصل عددها أكثر من 100 فيلم آخرها أخرجه ابنها بعنوان "الحياة المقبلة"(2020)، شكلت لورين التي كانت أيقونة جمال وإغراء السينما الإيطالية والعالمية، ثنائياً أسطورياً مع الوسيم مارسيلو ماستروياني،  "الذي كرهته أكثر من دم سنوني" في أفلام على شاكلة "زهرة عباد الشمس"، و " زواج على الطريقة الإيطالية"، و "يوم خاص"، و" الأمس واليوم وغدا" الفائز بأوسكار أفضل فيلم أجنبي، هذه التداعيات راودتني وأنا أكمل قراءة مذكراتها المعنونة بـ "أمس، اليوم، غداً، تحياتي" الصادرة عن دار المدى بترجمة د. علي عبد الأمير صالح .