الموسيقى لغة العالم

الصفحة الاخيرة 2022/06/15
...

سامر المشعل 
الأغنية الوطنية يغنيها كل مطربي العراق بغض النظر عن الانتماء أو الطائفة أو الديانة، ويسمعها كل أبناء الوطن، لأنها تخاطب المشاعر الوطنية بداخلنا تجاه وطن نريده أن يكون الأفضل والأجمل مثلما نحلم به، ففي الأغنية تنصهر الحواجز السياسية والانتماءات المناطقية.
فتجد ابن المنطقة الغربية يستمع إلى داخل حسن وياس خضر وحسين نعمة وقحطان العطار وكريم منصور، وابن الجنوب يسمع جبار عكار ومحمد حسين مرعي وسعدي الحديثي ومحمد السامر، وأفضل من قلد داخل حسن ولونه المطعم ببحة الحزن الجنوبية هو المطرب محمد السامر من سامراء، وعندما لحن له الفنان طالب القره غولي أغنيته الشهيرة "رحلة قطار العمر" من كلمات كاظم اسماعيل الكاطع، ظن الكثير أن السامر هو ابن الجنوب لاقترابه من روحية داخل حسن، من دون أن يشغلوا أنفسهم بعناء البحث عن هويته وجذوره، فقد لامس هذا الفنان قلوب المستمعين وهز أوتار الطرب في دواخلهم بموهبته وهذا الأهم.
وابن بغداد يستمع ويعتز بأن لديه موهبة موسيقية خرجت من شمال العراق هو الموسيقار دلشاد محمد سعيد، وكذلك أبناء كردستان يستمعون إلى ناظم الغزالي وسعدون جابر ورائد جورج ومهند محسن وأصيل هميم وحاتم العراقي.. الخ.
فالموسيقى والغناء هما لغة جمالية تخاطب القوى العقلية العليا للإنسان، وهي المشاعر والأحاسيس الإنسانية وفيها تتقارب المشاعر وتنصهر، وتذوب كل الفوارق الوهمية التي صنعتها جدران السياسة الصماء وحبائل الطائفية الخبيثة.
وكم كان الفنان كاظم الساهر ذكياً، عندما أخفى على الجميع انتماءه الطائفي والمناطقي، من دون أن يدع السلطة آنذاك أو بعض العقول الخفيفة من الطائفيين تحسبه على جهة معينة، وظل يناور في لقاءاته بأنه ولد بالموصل وعاش في بغداد ووالدته من النجف الأشرف ووالده من سامراء وهو كذلك فهو فنان يغني لكل الناس وهدفه ملامسة عاطفتهم الإنسانية من دون علامات فارقة يضعها موظف دائرة الأحوال المدنية.
وقد نجح الساهر بذلك وأوصل صوته وموهبته إلى جميع أرجاء العالم العربي وليس العراق وحسب.
الموسيقى تتخطى حدود الجغرافية والأوطان واللغات، فهي لغة عالمية يسمعها ويعزفها كل الموسيقيين بالعالم أجمع ويستمتع بها كل سكان الكرة الأرضية من خلال النوتة الموسيقية. فقد تختلف لغات سكان الأرض من منطقة إلى أخرى، إلا أنها تتسق وتتوحد بلغة الموسيقى، فهي لغة المشاعر التي يفهمها الجميع بمستوى حسي واحد.