ذكر مراقبون سياسيون ومصادر وصفتها وكالات أنباء محلية بـ"المُطلعة"، أن مبادرات يجري الإعداد لها خلف الكواليس بغية إقناع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بالعدول عن قراره الأخير باستقالة نواب الكتلة الصدرية من البرلمان، ووفق بعض تلك المصادر فإن إحدى المبادرات ستكون من رئيس الجمهورية برهم صالح، في وقت خلص فيه الاجتماع المشترك الذي عقده الإطار التنسيقي الشيعي رفقة تحالف عزم السني والاتحاد الوطني الكردستاني وحركة بابليون والجهات المستقلة، إلى الدعوة للإسراع بتشكيل الحكومة والمضي بالاستحقاقات الدستورية وفق الأصول.
وقالت النائب عن كتلة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، سوزان منصور، لـ"الصباح": إن "انسحاب الكتلة الصدرية من البرلمان أحدث صدمة للجميع وكان غير متوقع، ونريد أن تتحول النتائج السلبية التي ستعود على الساحة السياسية إلى مردود إيجابي"، وبينت أن "التيار الصدري له حضور كبير في الساحة السياسية، مثله مثل الإطار التنسيقي، لذلك على جميع البيوتات السياسية أن تتفاهم وتتحد من أجل تشكيل حكومة قوية، لأن ابتعاد أي من القوى سيكون خسارة كبيرة للساحة السياسية"، وأضافت، أنه "من الصعب تشكيل حكومة من دون التيار الصدري".
وبينت أن "الاتحاد الوطني يدعم الجميع ويقف مع جميع البيوتات السياسية في تشكيل الحكومة ولا يقف مع الإطار ضد التيار أو العكس، أو مع أي قوى أخرى ضد منافسيها، بل نحن نسهم في بناء اللحمة الوطنية وتشكيل الحكومة وفق الاستحقاقات الانتخابية ووفق ما تقتضيه وتتطلبه مبادئ الدستور".
من جانبه، بين رئيس مؤسسة التفكير السياسي، إحسان الشمري، في حديث لـ"الصباح"، أن "انسحاب التيار الصدري يمثل جزءاً من الإيثار السياسي الذي ينطلق به زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، خصوصاً إذا ما علمنا أنه الفائز في الانتخابات الأخيرة، لذلك سيفتح الباب أمام أزمة سياسية كبيرة". وأضاف، أن "ما حصل عليه التيار الصدري من مساحة وثقل ومحاولة تغيير المنهج والأداء السياسي والترقب لقيام إصلاحات في العراق، وما أعقب ذلك من انسحاب للتيار؛ سيؤدي إلى إحباط كبير لدى قاعدته الجماهيرية من جانب، وسيتضامن معه أيضاً جزء كبير جداً من بعض شرائح الشعب العراقي، لاسيما أن هذا الشعب ينتظر عملية إعادة هيكلة للعملية السيالسية برمتها، وبالتالي إمكانية أن ندخل أزمة جديدة ما بين الشعب والطبقة السياسية أمر وارد، وقبول الاستقالات بشكل نهائي سيحوّل القاعدة الجماهيرية الصدرية نحو المعارضة الشعبية".
وأوضح أنه "من المحتمل أن تصدر مبادرات من شخصيات تتمتع بثقل كبير في المشهد العراقي، خصوصاً أن ذهاب الصدر بعيداً عن أن يكون جزءاً من المشهد؛ يجعل الجميع يدرك أنه أمام أزمة كبيرة، وهناك شخصيات وازنة مثل رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح يتمتع بعلاقة جيدة مع السيد الصدر وربما سيعمل على طرح مبادرة".
وأشار إلى أن "النظام السياسي سيكون على المحك، وبالتالي فإن المبادرات هي العامل الأساس للتهدئة، وقد شهدنا سابقاً بعض القرارات لمقتدى الصدر وكانت هناك وساطات كبيرة وتدخل كبير أدى إلى مراعاة الوضع العراقي، لذلك أتصور أن المبادرات ستعمل منذ اللحظة لغرض إقناع زعيم التيار الصدري بالتراجع عن المضي بقرار استقالات نوابه".
في غضون ذلك، عقد الإطار التنسيقي وتحالف عزم والاتحاد الوطني الكردستاني وحركة بابليون، أمس الثلاثاء، اجتماعاً مشتركاً لتدارس خطوات تشكيل الحكومة، بينما دعا الإطار جميع القوى الفاعلة إلى المشاركة في الحوارات.
وقال الإطار في بيان: إنه "عقد اجتماعاً مع تحالف عزم برئاسة النائب مثنى السامرائي وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة بافل طالباني وحركة بابليون برئاسة ريان الكلداني"، مبيناً أنه "جرى خلال اللقاء بحث تطورات الوضع السياسي الراهن وسبل الإسراع في استكمال الاستحقاقات الدستورية بمشاركة جميع القوى الوطنية".
وأضاف أن "المجتمعين أكدوا أهمية المرحلة المقبلة التي تستدعي الإسراع في بدء الخطوات العملية لاستكمال الاستحقاقات الدستورية وانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة منسجمة قادرة على تلبية مطالب العراقيين وتؤمن الحياة الكريمة وتحفظ الأمن والاستقرار للجميع".
ودعا الإطار بحسب البيان، "جميع القوى الفاعلة في المشهد السياسي إلى المشاركة في الحوارات"، معرباً عن استعداده "لمفاتحة جميع الإطراف لإيمانه بأن الحكومة القادمة يجب أن تكون حكومة قوية ومقتدرة وتقدم الخدمات وتحافظ على وحدة وسيادة البلاد وتسهم في حفظ مكانة ودور العراق في المنطقة والإقليم".
من جانب آخر، أكد مكتب رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، أن الإطار التنسيقي لم يناقش أي أسماء لأي مواقع، وقال مدير مكتب المالكي، هشام الركابي، في تغريدة على "تويتر": إن "الإطار التنسيقي إلى الآن لم يناقش أي أسماء لأي مواقع، وما يجري من تسريبات هدفه إرباك المشهد".
وأضاف، أن "الإطار التنسيقي وحلفاءه منفتحون على جميع القوى السياسية في الحوار من أجل الإسراع في استكمال الاستحقاقات الدستورية"، وأشار إلى أن "هناك انسجاماً عالياً في المواقف، وكل ما يصدر من بعض المواقع الخبرية وصفحات التواصل عن وجود خلافات داخل الإطار هو كلام عارٍ عن الصحة والهدف منه خلط الأوراق".
في غضون ذلك، نقلت وكالة "شفق نيوز" الكردية عن مصدر وصفته بـ"المقرب" من رئيس الجمهورية برهم صالح، عن قرب إطلاق مبادرة تهدف إلى إنهاء الأزمة السياسية وإعادة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى العملية السياسية بعد الانسحاب منها.
وقال المصدر: إن "هذه المبادرة يعمل عليها رئيس الجمهورية برهم صالح، بعد إعلان الصدر انسحابه بشكل مباشر، وتلقى الرئيس إشارات تجاوب من قبل الأطراف السياسية، وبخاصة من الإطار التنسيقي".
تحرير: محمد الأنصاري